تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكن لمّا اتسعت رقعة الإسلام واختلط العرب بالأعاجم فسدت الفطرة العربية ودخل اللحن في الكلام وحدثت حوادث نبهّت المسلمين إلى القيام بحفظ القرآن لأنه أصل الدين ومعجزة خاتم الأنبياء والمرسلين.

المراد من الشكل:

الشكل: - هو ما يعرض على الحرف، من حركة وسكون، سواء أكان ذلك في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها.

أولُ مَن شَكَّلَ القرآن:

كان الرائد الأول في هذا المضمار هو أبو الأسود الدؤلي (ت 69 هـ) الذي تعلّم أصول النحو من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) واشتهر بعد ذلك بعلم العربية (2).

قال القلقشندي: (إن أول من نقَّطَ القرآن، ووضع العربية هو أبو الأسود الدؤلي من تلقين أمير المؤمنين علي (كرم الله وجهه)) (3).

لقد قام (أبو الأسود) بضبط العلامات الإعرابية في القرآن، احترازاً من اللحن وإبتعاداً عن العُجْمة ورعاية لسلامة النص، واستعمل لذلك ما يفرّق فيه بين حالات الرفع والنصب والجرِّ بالتنوين وبدونه.

وابتكر باجتهاده الفطري طريقة خاصة باستعمال النقط للحركات بصورة مميزة: عدداً، وموضعاً، ولوناً واختار لهذا الأمر كاتباً ماهراً قيل: إنه كان من بني عبد القيس، وقال له: ((خذ المصحف، وصنيعاً يخالف لون المواد، فإذا رأيتني فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة من أعلاه، وإن ضممتُ فمي فانقِط نقطةً بين يدي الحرف، وإن كسرتُ فاجعل النقطة من تحت الحرف، فان أتبعت هذه الحركات غنَّة فانقط نقطتين، فابتدأ بالمصحف حتى أتى على آخره)) (4).

وبذلك يظهر أن العلامات الإعرابية التي ابتكرها أبو الأسود الدؤلي كانت على الشكل التالي: -

أ - نقطة فوق الحرف علامة للفتحة. ب - نقطة تحت الحرف علامة للكسرة. ج - نقطة في خلال أو بجانب الحرف علامة للضمة. د - نقطتين على الحرف علامة للتنوين.

دوافع هذا العمل:

لدوافع أبي الأسود ومشجعاته على هذا العمل الضخم وجهان: -

الأول: ان الإمام علياً (عليه السلام) سمع قارئاً يقرأ {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بكسر اللام في (رسوله)، وهو كفر، فأوعز الإمام (عليه السلام) إلى أبي الأسود بأن يضع للناس أصلاً في هذا الباب.

الثاني: إن أبا الأسود قد سمع - بنفسه - قارئاً يقرأ الآية المذكورة بكسر اللام في (رسوله) فقال:

ما ظننت أنَّ أمر الناس آل إلى هذا. فقرر أن يضع العلامات الأعرابية للقرآن.

إعجام القرآن:

اختلف المؤرخون في إعجام الحروف العربية. فمنهم من يرى أن الإعجام كان معروفاً قبل الإسلام لتمييز الحروف المتشابهة، غير أنه - الإعجام - تُرك عند كتابة المصحف الشريف لوجود الفطرة السليمة والسليقة الفصيحة عند العرب. ومنهم من يرى أن الإعجام لم يعرف إلاّ من طريق أبي الأسود الدؤلي ثم اشتُهر ووضع في القرآن في عهد عبد الملك بن مروان.

وعلى أي حال، فقد اشتدت الحاجة إلى التنقيط حينما اتسعت رقعة الإسلام واختلط العرب بالأعاجم وبدأ اللَّبس والاشكال في قراءة المصاحف حتى أن الكثير من الأعاجم لم يستطع التمييز بين حروف القرآن وقراءاته في مثل قوله تعالى: (ننشزها) بالزاي، أو (ننشرها) بالراء أو في قوله تعالى: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} بالفاء، أو (لمن خلقك) بالقاف وغيرها من الآيات التي تحتمل قراءات متعددة.

المراد من الإعجام:

الإعجام: هو ما يدل على ذوات الحروف، وتمييز الحروف المماثلة في الرسم بعضها عن بعض. وبعبارة أخرى: ان المراد بالإعجام تمييز الحروف المتشابهة بوضع نقطٍ لمنع اللبس فيها.

أول من نقَّط القرآن:

كان يحيى بن يعمر العدواني (ت 90 هـ) ونصر بن عاصم الليثي (ت 89 هـ) أول من قاما بنقط المصحف الشريف.

قال الأستاذ الزرقاني: (أول من نقَّط المصحف هو يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم تلميذا أبي الأسود الدؤلي) (5).

فوضعا النقاط على الحروف المتشابهة أزواجاً وأفراداً، وكان وضع النقاط على الحروف حقيقياً لا على سبيل الاستعمال المجازي وبذلك تميزت صور الحروف المتشابهة وصار لكل حرف صورة تغاير صورة غيره من الحروف طبقاً لما نجده متعارفاً في كتابتنا المتداولة في هذه الأيام.

تحسينات أخرى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير