تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الكاتب1]ــــــــ[15 - 01 - 2006, 02:37 ص]ـ

الأخ الكريم " يعسوب "

مثالك الذي طرحته لايقاس على الآية كما قال أخي الفيفي، فأنت تقول:

"اضرب زيدا وأكرم سعدا " ولا إشكال في أن سعدا مفعول به للفعل " أكرم، ويكون هنا من باب عطف الجمل على الجمل. . ومثلها في قوله تعالى " وامسحوا برؤوسكم " فلا إشكال أن " برؤوسكم " متعلق بالفعل " امسحوا "

ولكن لعلك تريد الشبهة التي أثيرت في قراءة " وأرجلكم " بالكسر " وتكون ممن يرى المسح على الرجلين دون غسلهما.

فسأجيبك، ولكن بشرط، إن رأيت الحق وأخذت به فالحمدلله، وإن كان قصدك فقط إثارة هذه الشبهة في هذا المنتدى فالذي أراه أن نوقف الجدال لأنه لايمكن إقناع من تمسك بقوله حتى لوكان خطأ.

فالجواب:

وأما الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة/6 ففيها قراءتان

الأولى: (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللام، فتكون الأرجل معطوفة على الوجه، والوجه مغسول، فتكون الأرجل مغسولة أيضاً، فكأن لفظ الآية في الأصل: (اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم) ولكن أُخِّرَ غسلُ الرجل بعد مسح الرأس للدلالة على أن ترتيب الأعضاء في الوضوء يكون على هذا النحو، غسل الوجه، ثم الأيدي، ثم مسح الرأس، ثم غسل الأرجل. وقد استدلوا العلماء على وجوب الترتيب والموالاة بهذه الآية.

القراءة الثانية: (وَأَرْجُلِكُمْ) بكسر اللام، فتكون معطوفة على الرأس، والرأس ممسوح، فتكون الأرجل ممسوحة "

والله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب الدستور الأساس، فيه تبيان كل شيء، و جعله نبراسا للساري، ونورا للمهتدي، وشفاء لصدور المؤمنين، وخسارا للكافرين.

وبعث رسوله الكريم ـ صلى الله عليه وآله ـ به بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الهدى وسراجا منيرا، وهاديا إلى كتابه شارحا ومفسرا ومؤوّلاً. فهو أول مفسر للقرآن الكريم، يتلو عليهم آياته، ويعلمهم الكتاب والحكمة، يبين محكمه، ويفسر غوامضه، ويؤول متشابهه. قال تعالى: ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) (النحل - 44).

ولذا فالسنة بينت أن المسح إنما هو على الخفين أو الجوربين بشروط معروفة في السنة.

وبهذا يتبن أن الآية على القراءتين لا تدل على مسح الأرجل، وإنما تدل على وجوب غسل الأرجل، أو مسح الخفين لمن يلبس الخفين.

وقد ذهب بعض العلماء – على قراءة الجر – إلى أن الحكمة من ذكر المسح في حق الأرجل مع أنها مغسولة إشارة إلى أنه ينبغي الاقتصاد في استعمال الماء عند غسل الرجلين، لأن العادة الإسراف عند غسلهما، فأمرت الآية بالمسح أي بأن يكون الغسل بلا إسراف في الماء.

قال ابن قدامة في "المغني" (1/ 186):

" ويحتمل أنه أراد بالمسح الغسل الخفيف. قال أبو علي الفارسي: العرب تسمي خفيف الغسل مسحا , فيقولون: تمسحت للصلاة. أي توضأت " انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" وفي ذِكر المسح على الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجل فإن السرف يعتاد فيهما كثيراً " انتهى "منهاج السنة" (4/ 174).

والدليل على أن الواجب هو غسل الرجلين، ما رواه البخاري (163) ومسلم (241) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ (أي أخرنا العصر) فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: (وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا).

وروى مسلم (242) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ، فَقَالَ: (وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ).

والعقب هو مؤخر القدم.

قَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ: لَوْ كَانَ الْمَاسِح مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ لَمَا تُوُعِّدَ بِالنَّارِ.

قال الحافظ ابن حجر:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير