ـ[المكي]ــــــــ[23 - 01 - 2006, 09:14 م]ـ
(13)
هذا باب المفعول
الذي يتعداه فعله إلى مفعولين،
وليس لك أن تقتصر على أحدهما دون الآخر.
وذلك قولك: نبئت زيداً أبا فلان. لما كان الفاعل يتعدى إلى ثلاثة تعدى المفعول إلى اثنين. وتقول أرى عبد الله أبا فلان، لأنك لو أدخلت في هذا الفعل الفاعل وبنيته له لتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين.
واعلم أن الأفعال إذا انتهت ههنا فلم تجاوز، تعدت إلى جميع ما تعدى إليه الفعل الذي لا يتعدى المفعول. وذلك قولك: أعطى عبد الله الثوب إعطاء جميلاً، ونبئت زيداً أبا فلان تنبيئاً حسناً، وسرق عبد الله الثوب الليلة، لا تجعله ظرفاً ولكن على قولك يا مسروق الليلة الثوب، صير فعل المفعول والفاعل حيث انتهى فعلهما بمنزلة الفعل الذي لا يتعدى فاعله ولا مفعوله، ولم يكونا ليكونا بأضعف من الفعل الذي لا يتعدى.
ـ[المكي]ــــــــ[23 - 01 - 2006, 09:15 م]ـ
(14)
ما يعمل فيه الفعل فينتصب وهو حال
وقع فيه الفعل وليس بمفعول
كالثوب في قولك كسوت الثوب، وفي قولك كسوت زيداً الثوب، لأن الثوب ليس بحال وقع فيها الفعل ولكنه مفعول كالأول. ألا ترى أنه يكون معرفة ويكون معناه ثانياً كمعناه أولاً إذا قلت كسوت الثوب، وكمعناه إذا كان بمنزل الفاعل إذا قلت كسى الثوب.
وذلك قولك: ضربت عبد الله قائماً، وذهب زيد راكباً. فلو كان بمنزلة المفعول الذي يتعدى إليه فعل الفاعل نحو عبد الله وزيد ما جاز في ذهبت، ولجاز أن تقول ضربت زيداً أباك، وضربت زيداً القائم، لا تريد بالأب ولا بالقائم الصفة "ولا البدل"، فالاسم الأول المفعول في ضربت قد حال بينه وبين الفعل أن يكون فيه بمنزلته، كما حال الفاعل بينه وبين الفعل في ذهب أن يكون فاعلاً، وكما حالت الأسماء المجرورة بين ما بعدها وبين الجار في قولك: لي مثله رجلاً، ولي ملؤه عسلاً، وكذلك ويحه فارساً؛ وكما منعت النون في عشرين أن يكون ما بعدها جراً إذا قلت: له عشرون درهماً. فعمل الفعل هنا فيما يكون حالاً كعمل مثله فيما بعده، ألا ترى أنه لا يكون إلا نكرة كما أن هذا لا يكون إلا نكرة، ولو كان هذا بمنزلة الثوب وزيد في كسوت لما جاز ذهبت راكباً، لأنه لا يتعدى إلى مفعول كزيد وعمرو. وإنما جاز هذا لأنه حال، وليس معناه كمعنى الثوب وزيد، فعمل كعمل غير الفعل ولم يكن أضعف منه، إذ كان يتعدى إلى ما ذكرت من الأزمنة والمصادر ونحوه.
ـ[المكي]ــــــــ[23 - 01 - 2006, 09:17 م]ـ
(15)
الفعل الذي يتعدى اسم الفاعل إلى اسم المفعول
واسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد
فمن ثم ذكر على حدته ولم يذكر مع الأول، ولا يجوز فيه الاقتصار على الفاعل كما لم يجز في ظننت الاقتصار على المفعول الأول، لأن حالك في الاحتياج إلى الآخر ههنا كحالك في الاحتياج إليه ثمة. وسنبين لك إن شاء الله.
وذلك قولك: كان ويكون، وصار، وما دام، وليس وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغنى عن الخبر. تقول: كان عبد الله أخاك، فإنما أردت أن تخبر عن الأخوة، وأدخلت كان لتجعل ذلك فيما مضى. وذكرت الأول كما ذكرت المفعول الأول في ظننت. وإن شئت قلت: كان أخاك عبد الله، فقدمت وأخرت كما فعلت ذلك في ضرب لأنه فعل مثله وحال التقديم والتأخير فيه كحاله في ضرب، إلا أن اسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد.
وتقول: كناهم، كما تقول ضربناهم وتقول: إذا لم نكنهم فمن ذا يكونهم، كما تقول إذا لم نضربهم فمن يضربهم. قال أبو الأسود الدؤلي: فإن لا يكنها أو تكنه فإنه أخوها غذته أمه بلبانها
فهو كائن ومكون، كما تقول ضارب ومضروب.
وقد يكون لكان موضع آخر يقتصر على الفاعل فيه تقول: قد كان عبد الله، أي قد خلق عبد الله. وقد كان الأمر، أي وقع الأمر. وقد دام فلان، أي ثبت. كما تقول رأيت زيداً تريد رؤية العين، وكما تقول أنا وجدته تريد وجدان الضالة، وكما يكون أصبح وأمسى مرة بمنزلة كان، ومرة بمنزلة قولك استيقظوا وناموا.
فأما ليس فإنه لا يكون فيها ذلك، لأنها وضعت موضعاً واحدا، ومن ثم لم تصرف تصرف الفعل الآخر.
فمما جاء على وقع قوله، وهو مقاس العائذي: فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي إذا كان يوم ذو كواكب أشهب
"أي إذا وقع". وقال الآخر، عمرو بن شأس: بني أسد هل تعلمون بلاءنا إذا كان يوماً ذا كواكب أشنعا
إذا كانت الحو الطوال كأنما كساها السلاح الأرجوان المضلعا
¥