تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد زعم بعضهم أن ليس تجعل كما، وذلك قليل لا يكاد يعرف، فهذا يجوز أن يكون منه: ليس خلق الله أشعر منه، وليس قالها زيد. قال حميد الأرقط: فأصبحوا والنوى عالي معرسهم وليس كل النوى يلقي المساكين

وقال هشام أخو ذي الرمة: هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها وليس منها شفاء الداء مبذول

هذا كله سمع من العرب. والوجه والحد أن تحمله على أن في ليس إضماراً وهذا مبتدأ، كقوله: إنه أمة الله ذاهبة. إلا أنهم زعموا أن بعضهم قال: ليس الطيب إلا المسك، وما كان الطيب إلا المسك.

فإن قلت: ما أنا زيد لقيته، رفعت إلا في قول من نصب زيداً لقيته لأنك قد فصلت كما فصلت في قولك: أنت زيد لقيته. "وإن كانت ما التي هي بمنزلة ليس، فكذلك، كأنك قلت: لست زيد لقيته"، لأنك شغلت الفعل "بأنا"، وهذا مبتدأ بعد اسم، وهذا الكلام في موضع خبره، وهو فيه أقوى لأنه عامل في الاسم الذي بعده. وألف الاستفهام، وما في لغة بني تميم، يفصلن فلا يعملن. فإذا اجتمع أنك تفصل وتعمل الحرف فهو أقوى. وكذلك: إني زيد لقيته، وأنا عمرو ضربته، وليتني عبد الله مررت به، لأنه إنما هو اسم مبتدأ "ثم ابتدئ بعده"، أو اسم قد عمل فيه عامل ثم ابتدئ بعده الكلام في موضع خبره.

فأما قوله عز وجل: "إنا كل شيء خلقناه بقدر "، فإنما هو على قوله: زيداً ضربته، وهو عربي كثير. وقد قرأ بعضهم: "وأما ثمود فهديناهم"، إلا أن القراءة لا تخالف؛ لأن القراءة السنة.

وتقول: كنت عبد الله لقيته، لأنه ليس من الحروف التي ينصب ما بعدها كحروف الاستفهام وحروف الجزاء ولا ما شبه بها، وليس بفعل ذكرته ليعمل في شيء فينصبه أو يرفعه، ثم يضم إلى الكلام الأول الاسم بما يشرك "به"، كقولك: زيداً ضربت وعمراً مررت به، ولكنه شيء عمل في الاسم، ثم وضعت هذا في موضع خبره، مانعاً له أن ينصب، كقولك: كان عبد الله أبوه منطلق. ولو قلت: كنت أخاك وزيداً مررت به نصبت، لأنه قد أنفذ إلى مفعول ونصب ثم ضممت إليه اسماً وفعلاً.

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:22 ص]ـ

وإذا قلت: كنت زيد مررت به، فقد صار هذا في موضع أخاك ومنع الفعل أن يعمل.

وكذلك: حسبتني عبد الله مررت به، لأن هذا المضمر المنصوب بمنزلة المرفوع في كنت؛ لأنه يحتاج إلى الخبر كاحتياج الاسم في كنت، وكاحتياج المبتدأ، فإنما هذا في موضع خبره، كما كان في موضع خبر كان، فإنما أراد أن يقول: كنت هذه حالي، وحسبتني هذه حالي، كما قال: لقيت عبد الله وزيد يضربه عمرو، فإنما قال: لقيت عبد الله وزيد هذه حاله، ولم يعطفه على الحديث الأول ليكون في مثل معناه، ولم يرد أن يقول: فعلت وفعل، وكذلك لم يرده في الأول. ألا ترى أنه لم ينفذ الفعل في كنت إلى المفعول الذي به يستغنى الكلام كاستغناء كنت بمفعوله. فإنما هذه في موضع الإخبار، وبها يستغنى الكلام.

وإذا قلت: زيداً ضربت وعمراً مررت به، فليس الثاني في موضع خبر، ولا تريد أن يستغنى به شيء لا يتم غلا به، فإنما حاله كحال الأول "في أنه مفعول"، وهذا "الثاني" لا يمنع الأول مفعوله أن ينصبه لأنه ليس في موضع خبره، فكيف يختار فيه النصب، وقد حال بينه وبين مفعوله، وكان في موضعه، إلا أن تنصبه على قولك: زيداً ضربته.

ومثل ذلك: قد علمت لعبد الله تضربه، فدخول اللام يدلك أنه إنما أراد به ما أراد إذا لم يكن قبله شيء، لأنها ليست مما يضم به الشيء إلى الشيء كحروف الاشتراك، فكذلك ترك الواو في الأول هو كدخول اللام هنا. وإن شاء نصب، كما قال الشاعر، وهو المرار الأسدي: فلو أنها إياك عضتك مثلها جررت على ما شئت نحراً وكلكلا

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:44 م]ـ

من الفعل

يبدل فيه الآخر من الأول ويجرى على الاسم

كما يجرى أجمعون على الاسم، وينصب بالفعل لأنه مفعول

فالبدل أن تقول: ضرب عبد الله ظهره وبطنه، وضرب زيد الظهر والبطن، وقلب عمرو ظهره وبطنه، ومطرنا سهلنا وجبلنا، ومطرنا السهل والجبل. ون شئت كان على الاسم بمنزلة أجمعين توكيدا.

وإن شئت نصبت، تقول: ضرب زيد الظهر والبطن، ومطرنا السهل والجبل، وقلب زيد ظهره وبطنه. فالمعنى أنهم مطروا في السهل والجبل، وقلب على الظهر والبطن. ولكنهم أجازوا هذا، كما أجازوا "قولهم": دخلت البيت، وإنما معناه دخلت في البيت. والعامل فيه الفعل، وليس المنتصب ههنا بمنزلة الظرف؛ لأنك لو قلت: "قلب" هو ظهره وبطنه وأنت تعني على ظهره لم يجز.

ولم يجيزوه في غير السهل والجبل، والظهر والبطن، كما لم يجز دخلت عبد الله، فجاز هذا في هذا وحده، كما لم يجز حذف حرف الجر إلا في الأماكن، في مثل: دخلت البيت. واختصت بهذا، كما أن لدن مع غدوة لها حال ليست في غيرها من الأسماء، وكما أن عسى لها في قولهم: "عسى الغوير أبؤساً " حال لا تكون في سائر الأشياء.

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:45 م]ـ

ونظير هذا أيضاً في أنهم حذفوا حرف الجر ليس إلا، قولهم: نبئت زيداً قال ذاك، إنما يريد عن زيد، إلا أن معنى الأول معنى الأماكن.

وزعم الخليل رحمه الله أنهم يقولون: مطرنا الزرع والضرع.

وإن شئت رفعت على البدل وعلى أن تصيره بمنزلة أجمعين تأكيداً.

فإن قلت: ضرب زيد اليد والرجل، جاز "على" أن يكون بدلا، وأن يكون توكيدا. وإن نصبته لم يحسن؛ لأن الفعل إنما أنفذ في هذه الأسماء خاصة إلى المنصوب إذا حذفت منه حرف الجر، إلا أن تسمع العرب تقول في غيره، وقد سمعناهم يقولون: مطرتهم ظهراً وبطناً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير