تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:46 م]ـ

وتقول: مطر قومك الليل والنهار، على الظرف وعلى الوجه الآخر. وإن شئت رفعته على سعة الكلام، كما قال: صيد عليه الليل والنهار، وهو نهاره صائم وليله قائم، وكما قال جرير: لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ونمت وما ليل المطي بنائم

فكأنه في كل هذا جعل الليل بعض الاسم. وقال آخر: أما النهار ففي قيد وسلسلة والليل في قعر منحوت من الساج

فكأنه جعل النهار في قيد والليل في بطن منحوت، أو جعله الاسم أو بعضه.

وإن شئت قلت: ضرب عبد الله ظهره، ومطر قومك سهلهم، على قولك: رأيت القوم أكثرهم، ورأيت عمراً شخصه، كما قال: فكأنه لهق السراة كأنه ما حاجبيه معين بسواد

"يريد: كأن حاجبيه، فأبدل حاجبيه من الهاء التي في كأنه، وما زائدة".

وقال الجعدي: ملك الخورنق والسدير وداته ما بين حمير أهلها وأوال

"يريد: ما بين أهل حمير، فأبدل الأهل من حمير".

ومثل ذلك قولهم: صرفت وجوهها أولها. و "مثله": ما لي بهم علم أمرهم.

وأما قول جرير:

مشق الهواجر لحمهن مع السرى حتى ذهبن كلا كلاً وصدورا

فإنما هو على قوله: ذهب قدماً، وذهب أخراً.

وقال عمرو بن عمار النهدي: طويل متل العنق أشرف كاهلاً أشق رحيب الجوف معتدل الجرم

كأنه قال: ذهب صعداً، فإنما خبر أن الذهاب كان على هذه الحال.

ومثله: "قول رجل من عمان": إذا أكلت سمكاً وفرضاً ذهبت طولاً وذهبت عرضا

فإنما شبه هذا الضرب من المصادر.

وليس هذا مثل قول عامر بن الطفيل: فلأبغينكم قناً وعوارضاً ولأقبلن الخيل لابة ضرغد

لأن قناً وعوارض مكانان، وإنما يريد: بقناً وعوارض، ولكن الشاعر شبهه بدخلت البيت، وقلب زيد الظهر والبطن.

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:47 م]ـ

من

اسم الفاعل "الذي" جرى مجرى الفعل المضارع

في المفعول في المعنى، فإذا أردت فيه من المعنى ما أردت في يفعل كان نكرة منوناً وذلك قولك: هذا ضارب زيداً غداً. فمعنا وعمله مثل هذا يضرب زيداً "غداً". فإذا حدثت عن فعل في حين وقوعه غير منقطع كان كذلك. وتقول: هذا ضارب عبد الله الساعة، فمعناه وعمله مثل "هذا" يضرب زيداً الساعة. وكان "زيد" ضارباً أباك، فإنما تحدث أيضاً عن اتصال فعل في حال وقوعه. وكان موافقاً زيداً، فمعناه وعمله كقولك: كان يضرب أباك، ويوافق زيداً. فهذا جرى مجرى الفعل المضارع في العمل والمعنى منوناً.

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:48 م]ـ

ومما جاء في الشعر: منوناً "من هذا الباب قوله ": إني بحبلك واصل حبلي وبريش نبلك رائش نبلي

وقال "عمر" بن أبي ربيعة: ومن مالي عينيه من شيء غيره إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى

وقال زهير: بدا لي أني لست مدرك ما مضى ولا سابقاً شيئاً إذا كان جائيا

وقال الأخوص الرياحي: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعباً إلا ببين غرابها

واعلم أن العرب يستخفون فيحذفون التنوين والنون، ولا يتغير من المعنى، ولا يجعله معرفة. فمن ذلك "قوله عز وجل": "كل نفس ذائقة الموت " و "إنا مرسلو الناقة " و "لو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم " و "غير محلى الصيد ". فالمعنى معنى " ولا آمين البيت الحرام ".

"و" يزيد هذا عندك بياناً قوله تعالى جده: "هدياً بالغ الكعبة " و "عارض ممطرنا ". فلو لم يكن هذا في معنى النكرة والتنوين لم توصف به النكرة.

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:49 م]ـ

ومما جاء في الشعر غير منون قول الفرزدق: أتاني على القعساء عادل وطبه برجلي لئيم واست عبد تعادله

يريد: عادلاً وطبه. وقال الزبرقان بن بدر: مستحقبي حلق الماذي يحفزه بالمشرفي وغاب فوقه حصد

وقال السليك بن السلكة: تراها من يبيس الماء شهباً مخالظ درة منها غرار

"يريد: عرف الخيل".

ومما يزيد هذا الباب إيضاحاً "أنه" على معنى المنون قول النابغة: احكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام شراع وارد الثمد

"فوصف به النكرة". وقال المرار الأسدي: سل الهموم بكل معطي رأسه ناج مخالط صهبة متعيس

فهو على المعنى لا على الأصل، والأصل التنوين؛ لأن هذا الموضع لا يقع فيه معرفة. ولو كان الأصل ههنا ترك التنوين لما دخله التنوين ولا كان ذلك نكرة، وذلك أنه لا يجري مجرى المضارع فيما ذكرت لك.

وزعم عيسى أن بعض العرب ينشد هذا البيت، "لأبي الأسود الدؤلي": فألفيته غير مستعب ولا ذاكر الله إلا قليلا

لم يحذف التنوين استخفافاً ليعاقب المجرور، ولكنه حذفه لالتقاء الساكنين، "كما قال: رمى القوم". وهذا اضطرار، وهو مشبه بذلك الذي ذكرت "لك".

وتقول في هذا الباب: هذا ضارب زيد وعمرو، إذا أشركت بين الآخر والأول في الجار؛ لأنه ليس في العربية شيء يعمل في حرف فيمتنع أن يشرك بينه وبين مثله. وإن شئت نصبت على المعنى وتضمر له ناصباً، فتقول: هذا ضارب زيد وعمراً، كأنه قال: ويضرب عمراً، أو وضارب عمراً.

ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:50 م]ـ

ومما جاء على المعنى قول جرير: جئني بمثل بني بدر لقومهم أو مثل أسرة منظور بن سيار

وقال كعب بن جعيل "التغلبي": أعني بخوار العنان تخاله إذا راح يردى بالمدجج أحردا

وأبيض مصقول السطام مهنداً وذا حلق من نسج داود مسردا

فحمله على المعنى، كأنه قال: وأعطني أبيض مصقول السطام، وقال: هات مثل أسرة منظور "بن سيار".

والنصب في الأول أقوى وأحسن، لأنك أدخلت الجر على الحرف الناصب ولم تجيء ههنا إلا بما أصله الجر ولم تدخله على ناصب ولا رافع. وهو على ذلك عربي جيد. والجر أجود. وقال "رجل من قيس عيلان": بينا نحن نطلبه أتانا معلق وفضة وزناد راع

وزعم عيسى أنهم ينشدون هذا البيت: هل أنت باعث دينار لحاجتنا أو عبد رب أخا عون بن مخراق

فإذا أخبر أن الفعل قد وقع وانقطع فهو بغير تنوين البتة، لأنه إنما أجري مجرى الفعل المضارع له، كما أشبهه الفعل المضارع في الإعراب، فكل واحد منهما داخل على صاحبه، فلما أراد سوى ذلك المعنى جرى مجرى الأسماء التي من غير ذلك الفعل، لأنه إنما شبه بما ضارعه من الفعل كما شبه به في الإعراب. وذلك قولك: هذا ضارب عبد الله وأخيه. وجه الكلام وحده الجر، لأنه ليس موضعاً للتنوين. وكذلك قولك: هذا ضارب زيد فيها وأخيه، وهذا قاتل عمرو أمس وعبد الله، وهذا ضارب عبد الله ضرباً شديداً وعمرو.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير