ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:50 م]ـ
ولو قلت: هذا ضارب عبد الله وزيداً، جاز على إضمار فعل، أي وضرب زيداً. وإنما جاز هذا الإضمار لأن معنى الحديث في قولك هذا ضارب زيد: هذا ضرب زيداً، وإن كان لا يعمل عمله، فحمل على المعنى، كما قال جل ثناؤه: "ولحم طير مما يشتهون. وحور عين " لما كان المعنى في الحديث على قوله: لهم فيها، حمله على شيء لا ينقض الأول في المعنى. وقد قرأه الحسن. ومثله قول الشاعر: يهدي الخميس نجاداً في مطالعها إما المصاع وإما ضربة رغب
حمله على شيء لو كان عليه الأول لم ينقض المعنى.
ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:51 م]ـ
ومثله قول كعب بن زهير: فلم يجد إلا مناخ مطية تجافى بها زور نبيل وكلكل
ومفحصها عنها الحصى بجرانها ومثنى نواج لم يخنهن مفصل
ومسر ظماء واترتهن بعدما مضت هجعة من آخر الليل ذبل
كأنه قال: وثم سمر "ظماء". وقال: بادت وغير آيهن مع البلى إلا رواكد جمرهن هباء
ومشجج أما سواء قذاله فبدا وغير ساره المعزاء
لأن قوله "إلا رواكد" هي في معنى الحديث: بها رواكد، فحمله على شيء لو كان عليه الأول لن ينقض الحديث. والجر في هذا أقوى، يعني هذا ضارب زيد وعمرو وعمراً بالنصب. وقد فعل لأنه اسم وإن كان قد جرى مجرى الفعل بعينه. والنصب في الفصل أقوى، إذا قلت: هذا ضارب زيد فيها وعمراً، وكلما طال الكلام كان أقوى؛ وذلك أنك لا تفصل بين الجار وبين ما يعمل فيه، فكذلك صار هذا أقوى.
فمن ذلك قوله جل ثناؤه: "وجاعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ".
ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:53 م]ـ
وكذلك إن جئت باسم الفاعل الذي تعدى فعله إلى مفعولين وذلك قولك: هذا معطى زيد درهما وعمرو، إذا لم تجره على الدرهم، والنصب على ما نصبت عليه ما قبله. وتقول: هذا معطى زيد وعبد الله. والنصب إذا ذكرت الدرهم أقوى، لأنك "قد" فصلت بينهما.
ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:54 م]ـ
وإن لم ترد بالاسم الذي يتعدى فعله إلى مفعولين أن يكون الفعل قد وقع أجريته مجرى الفعل الذي يتعدى إلى مفعول في التنوين وترك التنوين وأنت تريد معناه، و "في" النصب والجر وجميع أحواله، فإذا نونت فقلت: هذا معط زيداً درهماً لا تبالي أيهما قدمت، لأنه يعمل عمل الفعل. وإن لم تنون لم يجز هذا معطي درهماً زيد، لأنك لا تفصل بين الجار والمجرور، لأنه داخل في الاسم فإذا نونت انفصل كانفصاله في الفعل. فلا يجوز إلا "في قوله" هذا معطى زيداً، كما قال تعالى جده: "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ".
ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:56 م]ـ
جرى مجرى الفاعل الذي يتعداه فعله
إلى مفعولين في اللفظ لا في المعنى
وذلك قولك: يا سارق الليل أهل الدار
"و" تقول على هذا الحد: سرقت الليل أهل الدار، فتجري الليلة على الفعل في سعة الكلام، كما قال: صيد عليه يومان، وولد له ستون عاماً. فاللفظ يجري على قوله: هذا معطى زيد درهماً، والمعنى إنما هو في الليلة، وصيد عليه في اليومين، غير أنهم أوقعوا الفعل عليه لسعة الكلام.
ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:56 م]ـ
وكذلك لو قلت: هذا مخرج اليوم الدرهم وصائد اليوم الوحش.
ومثل ما أجري مجرى هذا في سعة الكلام والاستخفاف قوله عز وجل: "بل مكر الليل والنهار". فالليل والنهار لا يمكران، ولكن المكر فيهما.
فإن نونت فقلت: يا سارقاً الليلة أهل الدار، كان حد الكلام أن يكون أهل الدار على سارق منصوباً، ويكون الليلة ظرفاً، لأن هذا موضع انفصال. وإن شئت أجريته على الفعل على سعة الكلام.
ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:57 م]ـ
ولا يجوز: يا سارق الليلة أهل الدار إلا في شعر، كراهية أن يفصلوا بين الجار والمجرور. فإذا كان منوناً فهو بمنزلة الفعل الناصب، تكون الأسماء فيه منفصلة. قال الشاعر، وهو الشماخ: رب ابن عم لسليمى مشمعل طباخ ساعات الكرى زاد الكسل
"هذا على: يا سارق الليلة أهل الدار". وقال الأخطل: وكرار خلف المحجرين وجواده إذا لم يحام دون أنثى حليلها
فإن قلت: كرار وطباخ، صار بمنزلة طبخت وكررت، تجريها مجرى السارق حين نونت، على سعة الكلام.
ـ[المكي]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 01:57 م]ـ
وقال "رجل من بني عامر": ويوم شهدناه سليماً وعامراً قليل سوى الطعن النهال نوافله
"وكما قال: ثماني حجج حججتهن بيت الله".
ومما جاء في الشعر قد فصل بينه وبين المجرور قول عمرو بن قميئة.
لما رأت ساتسدما استعبرت لله در اليوم من لامها
وقال أبو حية النميري: كما خط الكتاب بكف يوماً يهودي يقارب أو يزيل
وهذا لا يكون فيه إلا هذا، لأنه ليس في معنى فعل ولا اسم الفاعل الذي جرى مجرى الفعل.
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[24 - 01 - 2006, 02:01 م]ـ
أخي المكي
تهنئة خاصة أبثها إليك وشعور بالغبطة لما تتمتع به من عزيمة واجتهاد.
وحتى ننتفع بعلمك أخي، أقترح عليك أن تدون قراءاتك للكتاب على شكل فوائد توجزها في جمل قصيرة.
فالملاحظ أن المقالات الطويلة لا تقرأ إلا نادرا.
وفقك الله.
¥