تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد تراوحت مضامين التجديد بين الإلغاء والاستبدال الاصطلاحي والترميم الجزئي، في إطار النظرية النحوية العربية، وبين استثمار النظريات الحديثة لإعادة بناء النحو العربي على أسس شبيهة بما بنت عليه اللغات الطبيعية أنحاءها، كما تراوحت بين العلمية والموضوعية، وبين العدائية والانفعالية، وقد جمعت حقا وباطلا، وهوجم النحو بما فيه وبما ليس فيه، وحملت عليه أوزاره وأوزار غيره ... وكان مسرح عملياتها: علم النحو وقواعده، ومؤلفات النحو، ومناهج الدراسات النحوية، وقبل أن نقتحم عالم الإعراب ومشاريع التجديد، أحب أن أقف، ولو بصورة مختزلة على بعض مضامين التجديد:

فقد اقترح حسن الشريف إلغاء الممنوع من الصرف، والتسوية بين العدد والمعدود في التذكير والتأنيث، وأن يظل نائب الفاعل منصوبا وأن يلزم المنادى والمستثنى حالة واحدة، فيكونان مرفوعين دائما، أو منصوبين ... (23)

واقترح جرجس الخوري المقدسي نصْبَ المنادى المعرب مطلقا، وجعْلَ ضميري الجمع المذكر والمؤنث واحدا، ونصب جمع المؤنث السالم بالفتحة، ورفع الاسم والخبر في جميع النواسخ ... (24)

واقترح إبراهيم مصطفى جعل الخبر من التوابع، وحذف النعت من التوابع، وحذف الفتحة من علامات الإعراب ... (25)

واقترح شوقي ضيف إلغاء ثمانية عشر بابا، واعتبرها من الزوائد الضارة، وهي: باب كان وأخواتها، وباب كاد وأخواتها، وباب الحروف العاملة عمل ليس، وباب ظن وأخواتها، وباب أعلم وأرى وباب التنازع، وباب الاشتغال، وباب الصفة المشبهة، وباب اسم التفضيل، وباب التعجب، وباب أفعال المدح والذم، وباب كنايات العدد، وباب الاختصاص، وباب التحذير، وباب الإغراء، وباب الترخيم، وباب الاستغاثة، وباب الندبة (26)

ومع أن بعض هذه المقترحات يمكن دراسته، إلا أن أغلبها - مع تلبسه بالعلمية - كان يجمع بين الإثارة والغرابة، ولم يكن قائما على أسس علمية ودراسة متفحصة للواقع اللغوي.

الإعراب ومشاريع التجديد: (تعريف الإعراب)

الإعراب عملية ذهنية إدراكية تتصل بالعقل، وتتطلب من منشئ الكلام وقارئه حضورا واعيا يواكب عملية الإنشاء والقراءة بما تنطوي عليه هذه العملية من تفكير في المضمون، تبلغ سرعتها لدى المنشئين والقارئين درجة يتوهمون معها أنهم في مراعاتهم للإعراب إنما يقومون بعمل حدسي سليقي يتيح لهم أن يتفرغوا لمضمون الكلام (27)

وهو تلك الظاهرة الواضحة في اللغة العربية، التي تتناول أواخر الكلمات بالتغيير في الحركة أو الحرف، وهي غالبة على اللغة العربية واضحة فيها، تكاد تكون تتميز بها، وما زالت حتى الآن موضعا للخشية ومزلة للألسن والأقدام (28)

وقد كانت هذه الظاهرة أهم ما شغل النحويين، لأنها أبرز سمات العربية، والخطأ فيها أكثر وأوضح، فركزوا عليها جهودهم، وفرعوا فيها وفتقوا وتخيلوا وألغزوا، حتى غلب على ظنهم أن النحو ليس إلا قوانين الإعراب والبناء، وقد كان لذلك أثره في التعريفات التي وضعوها للنحو (29)

يقول الخليل بن أحمد:" هذا كتاب فيه جملة الإعراب، إذ كان جميع النحو في الرفع والنصب والجر والجزم "، بل إن بعض العلماء كانوا يؤثرون استعمال مصطلح علم الإعراب عوضا عن علم النحو، كما اشترط الزمخشري ألا يُقدم الناظر في كتاب الله تعالى عليه، إلا إذا كان فارسا في علم الإعراب، لأن الإعراب - كما يقول محمد بن الحسن الشيباني - أجدى من تفاريق العصا.

كما اتخذ بعض المؤلفين من ظاهرتي الإعراب والبناء وأحكامهما أساسا لتصميم مؤلفاتهم النحوية، فقسموا المباحث إلى المبنيات والمعربات، ثم فصلوا أنواع كل منهما، وقد شاع هذا المنهج في التأليف بين النحاة ابتداء من القرن السابع الهجري تقريبا بادئا بابن معطي 628، فابن مالك 672 فابن هشام 761، فابن عقيل 796، وما زال شائعا حتى الآن (30)

ولم يلحق بتعريف الإعراب أي تغيير حتى جاء عبد المتعال الصعيدي، فسوى بين الإعراب والبناء في تعريف جامع، حيث قال:" الإعراب هو تصرف أهل العربية في آخر أسمائها وأفعالها وحروفها بين رفع ونصب وجر وجزم (31)

وعلى هذا، لا يكون هناك فرق بين إعراب الأسماء والأفعال والحروف إلا في أن كل حرف له إعراب خاص به (32)

مشاكل الإعراب والدعوة إلى تسكين الأواخر:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير