فتقدير الكلام: ولا يستوي هو والخروع المتقصف، كما نقل ذلك ابن كثير، رحمه الله، عن الفراء رحمه الله، والله أعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 03 - 2006, 03:46 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ومن ذلك أيضا:
مسألة تنوين العوض، وهي من أشهر مسائل النحو، لأن التنوين من العلامات الشهيرة التي يعرف بها الاسم، كما هو معلوم، ومن ذلك:
تنوين العوض عن حرف: ومنه قوله تعالى: (ومن فوقهم غواش)، بتنوين "غواش"، وأصلها: (غواشي)، فعوض عن الياء بالتنوين.
وتنوين العوض عن كلمة:
ومنه قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين)، بتنوين: (كل)، فهو عوض عن كلمة: (دابة)، أو: (أحوالها)، أو: (مقاديرها)، .................... الخ، بتقدير محذوف مناسب يستقيم معه سياق الآية، والله أعلم.
وقوله تعالى: (قل كل يعمل على شاكلته)، أي: كل واحد يعمل على شاكلته.
وقوله تعالى: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك)، أي: كل واحد من هؤلاء نمد من عطاء ربك.
وشاهده من كلام العرب قول رؤبة بن العجاج:
داينت أروى والديون تقضى ******* فمطلت بعضا وأدت بعضا.
أي مطلت بعض الدين وأدت بعضه. منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل، للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله، (1/ 18).
وتنوين العوض عن جملة:
وفيه يظهر إعجاز القرآن في بيان المعنى بأقل عدد ممكن من الألفاظ، ومنه:
قوله تعالى: (في بضع سنين، لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون)، فالتنوين في يومئذ: عوض عن جملة كاملة، لأن "إذ" لا تضاف إلا لجملة، فتقدير الكلام: ويوم إذ ينتصر الروم، أهل الكتاب، على الفرس، الوثنيين عباد النار، يفرح المؤمنون بنصر الله، وقد دل على ذلك سياق الآيات السابقة لهذه الآية وفيه: قوله تعالى: (وهم من بعد غلبهم سيغلبون)، أي سيغلب الروم من بعد غلبهم، والله أعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 03 - 2006, 01:56 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
وقد زاد ابن عقيل، رحمه الله، الأمر تفصيلا في قوله تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن)، حيث استشهد بهذه الآية على جواز حذف المبتدأ والخبر، لدلالة ما قبلهما عليهما، فقال:
فحذف المبتدأ والخبر، وهو "فعدتهن ثلاثة أشهر"، لدلالة ما قبله عليه، وإنما حذفا لوقوعهما موقع مفرد، والظاهر أن المحذوف مفرد، والتقدير: "واللائي لم يحضن كذلك"، فكأن المبتدأ والخبر قد وقعا موقع: "كذلك"، ففهم المراد بتقدير أحدهما، إما بتقدير المبتدأ والخبر وإما بتقدير ما يقوم مقامهما وهو لفظ "كذلك"، المفرد، وعليه فإن اللفظ المفرد قد يقع موقع جملة كما في هذا المثال، فهو واقع موقع جملة المبتدأ والخبر، وقد يقع موقع مفرد مثله، كالخبر المحذوف في قوله: زيد قائم وعمرو، فتقدير الكلام: زيد قائم وعمرو قائم، أو زيد قائم وعمرو كذلك، فوقع لفظ "كذلك" المفرد موقع الخبر المفرد "قائم"، الذي حذف لدلالة السياق عليه، والله أعلم.
بتصرف من شرح ابن عقيل بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله. (1/ 203).
ومنه أيضا، حذف المبتدأ في قوله تعالى: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها)، فتقدير الكلام في الجملتين: من عمل صالحا فعمله لنفسه، ومن أساء فإساءته عليها.
فحذف المبتدأين: (عمله، إساءته)، لدلالة السياق عليهما، وأبقى الخبرين شبهي الجملة "الجار والمجرور": (لنفسه، عليها)، والله أعلم.
شرح ابن عقيل (1/ 202).
ومنه أيضا قوله تعالى: (فصبر جميل)، فتقدير الكلام: صبري صبر جميل، فحذف المبتدأ "صبري"، وجوبا، لأن الخبر "صبر"، مصدر ناب مناب الفعل.
وشاهده من كلام العرب قول الراجز:
شكا إلي جملي طول السرى ******* صبر جميل فكلانا مبتلى.
شرح ابن عقيل (1/ 210).
ومن ذلك أيضا: الاكتفاء بقيد واحد في الكلام:
كما في قوله تعالى: (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات)، فحذف: "الله كثيرا"، من الجملة المعطوفة اكتفاء بالقيد المذكور في الجملة الأولى المعطوف عليها.
وقوله تعالى: (عن اليمين وعن الشمال قعيد)، فاكتفى بذكر قيد واحد: "قعيد"، في نهاية السياق، وتقدير الكلام: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد.
وشاهده من كلام العرب:
نحن بما عندنا، وأنت بما ******* عندك راض، والرأي مختلف
فاكتفى بقيد واحد في نهاية السياق، وتقدير الكلام: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راض، وهذا من مواضع حذف الخبر جوازا، فـ: "راضون"، خبر المبتدأ: "نحن".
شرح ابن عقيل (1/ 201_202).
وبهذا احتج الجمهور على الأحناف رحمهم الله، في مسألة حمل المطلق على المقيد إذا ما اتحد الحكم، ولو اختلف سببه:
كما في قوله تعالى في كفارة القتل الخطأ: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا، ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة)، فقيد الرقبة هنا بالإيمان.
وقوله تعالى في كفارة الظهار: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا)، فأطلق الرقبة هنا عن أي قيد، ومع ذلك قيدت، عند الجمهور، بكونها مؤمنة، حملا على الآية الأولى، لاتحاد الحكم، وهو الكفارة بالعتق، وإن اختلف السبب، ففي الأولى سببها: القتل الخطأ، وفي الثانية سببها: الظهار، والله أعلم.
بتصرف من "مباحث في علوم القرآن" للشيخ مناع القطان رحمه الله. ص226_227.
ومن ذلك قوله تعالى: قوله تعالى: (ولات حين مناص).
ومعنى لات هنا: ليس، فهي حرف، يفيد معنى النفي الذي تفيده "ليس"، وتقدير الكلام: وليس الحين حين مناص، فحذف اسم لات لدلالة خبرها عليه، والله أعلم.
¥