تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 03 - 2006, 04:48 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

ومن ذلك أيضا: الحذف بعد "بئس" و "نعم"، فمن ذلك:

قوله تعالى: (بئس الشراب وساءت مرتفقا)، فتقدير الكلام: بئس الشراب الماء الحميم، أو: بئس الشراب هذا الماء الحميم، أو: بئس الشراب الماء الحميم المذموم.

فحذف المخصوص بالذم لدلالة السياق عليه، وعليه يقدر المخصوص بالذم، بحيث يعرب مبتدأ مؤخرا، وجملة "بئس وفاعلها" في محل رفع خبر مقدم، أو يقدر محذوفان: مبتدأ محذوف تقديره: هو، أو هذا، ........... الخ، والمخصوص بالذم الذي يعرب في هذه الحالة خبر للمبتدأ المحذوف، أو بالعكس، يقدر المخصوص بالذم على أنه هو المبتدأ ويقدر له خبر مناسب كـ: بئس الشراب الماء الحميم المذموم، فيكون "المذموم": هو خبر المبتدأ: "الماء الحميم"، ولا شك أن تقدير محذوف واحد أيسر من تقدير محذوفين، لا سيما وقد اكتمل المعنى دون الحاجة لتقدير المحذوف الثاني، فالأصل في الكلام عدم الحذف فلا يلجأ إليه إلا عند الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها وقدرها هنا، بيان المعنى المراد، وقد ظهر بتقدير محذوف واحد فقط فلا حاجة لتقدير ثان، والله أعلم.

وقوله تعالى: (نعم الثواب وحسنت مرتفقا)، والقول فيها كالقول في الآية السابقة، فتقدير الكلام:

نعم الثواب الجنة، على القول بحذف المخصوص بالمدح فقط، وهو أولى الأقوال.

أو: نعم الثواب هي الجنة، أو: نعم الثواب هذه الجنة، بحذف مبتدأ مقدر مع المخصوص بالمدح الذي يقع خبرا له.

أو: نعم الثواب الجنة الممدوحة، بحذف المخصوص بالمدح، الذي يقع مبتدأ، لخبر مقدر، تقديره: الممدوحة، والله أعلم.

وقد يحذف فاعل "بئس" أو "نعم"، لدلالة ما قبله عليه، ومنه قوله تعالى: (بئس للظالمين بدلا)، فتقدير الكلام: بئس الشيطان وذريته للظالمين بدلا، وقد ذكر ابن عقيل، رحمه الله، في شرحه (3/ 125)، أن فاعل "بئس" هنا، ضمير مستتر يفسره التمييز "بدلا"، فيكون تقدير الكلام: بئس هو للظالمين بدلا، والضمير "هو" عائد على الشيطان، لدلالة السياق عليه، فآل القولان إلى قول واحد، وإن كان الأول قد قدر الفاعل اسما ظاهرا، والثاني قدره اسما مضمرا مرجعه الاسم الظاهر الذي قدره الأول، والله أعلم.

مستفاد من سلسلة مجالس الشيخ صالح بن عواد المغامسي، حفظه الله، الأستاذ بكلية المعلمين بالمدينة المنورة، في تفسير القرآن الكريم، التي تبثها قناة المجد الفضائية.

ومنه أيضا قوله تعالى: (نعم المولى ونعم النصير)، فتقدير الكلام: نعم المولى الله، ونعم النصير الله، فحذف المخصوص بالمدح لدلالة ما قبله عليه.

ومنه قوله تعالى: (إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب)، أي: نعم العبد أيوب، فحذف المخصوص بالمدح، وهو أيوب، لدلالة ما قبله عليه، والله أعلم.

شرح ابن عقيل رحمه الله، (3/ 130).

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 04 - 2006, 03:34 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

ومن ذلك أيضا:

قوله تعالى: (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة)، في قراءة من كسر "الآخرة"، فيلزم هنا تقدير مضاف محذوف مناسب، وهو: تريدون عرض الدنيا والله يريد باقي الآخرة، أو: تريدون عرض الدنيا والله يريد عرض الآخرة، فيكون المحذوف على هذا مماثلا للملفوظ به في صدر الآية: (عرض الدنيا)، وكذا قدره ابن أبي الربيع في شرحه للإيضاح.

فالمضاف قد حذف، وكان الأولى في هذه الحالة أن يقام المضاف إليه مقامه، وتتغير حركته تبعا لذلك، فينصب، كما نصب المضاف المقدر، وهذه قراءة الجمهور، أي قراءة نصب: "الآخرة"، بعد حذف المضاف المنصوب: عرض أو باقي، وإقامة المضاف إليه محله، ولكن في هذه القراءة، حذف المضاف ولم يقم المضاف إليه مقامه بل ظل على حاله من الجر فلزم تقدير المضاف المحذوف، والعمدة في مثل هذه التخريجات هو مدى صحة هذه القراءة: هل هي متواترة يلزم تخريجها نحويا بما يستقيم معه السياق، أم هي قراءات شاذة يكفي لتضعيف أوجهها النحوية، ضعف سندها، والله أعلم.

ومن يقول بالمجاز في القرآن، له أن يعتبر ذلك من مجاز الحذف، الذي يدل السياق فيه على المحذوف، كما في قوله تعالى: (واسأل القرية)، أي: واسأل أهل القرية، والمخالف يقول لا مجاز في الآية لأن دلالة السياق تجعل الكلام حقيقة لا مجازا، والسياق قد دل على المعنى المراد، دون الحاجة لتقدير المحذوف، والعرب استخدمت هذا الأسلوب في كلامها فأصبح حقيقة لا مجازا في لغة العرب.

بتصرف من شرح ابن عقيل رحمه الله (3/ 60)

ومنه قوله تعالى: (فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا)، أي: هلاكا حسبانا، فحذف الموصوف وأبقى الصفة.

ومثله، قوله تعالى: (أن اعمل سابغات)، أي اعمل: دروعا سابغات، فحذف الموصوف وأقام الصفة محله.

وشاهده من كلام العرب:

قول الأعشى، ميمون بن قيس، في لاميته المشهورة:

كناطح صخرة يوما ليوهنها ******* فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

فأصل الكلام: كوعل ناطح صخرة، فحذف الموصوف، وأقام الصفة: اسم الفاعل "ناطح"، محله، وعملت الصفة في المعمول، المفعول به: صخرة، كما يعمل المحذوف المقدر، فكأن الصفة تحل محل الموصوف المحذوف محلا وعملا، فهي في الآية السابقة: حلت محل الموصوف المحذوف وأخذت نفس إعرابه فجرت بالكسرة: (اعمل سابغات)، على المفعولية، لأنها جمع مؤنث سالم، والله أعلم.

بتصرف من "منحة الجليل" (3/ 85).

مع الاستفادة من سلسلة مجالس الشيخ صالح بن عواد المغامسي، حفظه الله، الأستاذ بكلية المعلمين بالمدينة المنورة، في تفسير القرآن الكريم، التي تبثها قناة المجد الفضائية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير