ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 04 - 2006, 03:50 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ومنه قوله تعالى: (أسمع بهم وأبصر)، فتقدير الكلام: أسمع بهم وأبصر بهم، فحذف المجرور بالباء بعد أفعل التعجب الثانية، أي "أبصر"، لدلالة ما قبله عليه، وشاهد ذلك من لغة العرب قول عروة الصعاليك:
فذلك إن يلق المنية يلقها ******* حميدا، وإن يستغن يوما فأجدر
أي أجدر به، فمعنى البيت: أنه إن لقي المنية لقيها محمود الخصال، وإن يستغن يوما فما أحقه بالغنى وما أجدره باليسار.
بتصرف يسير من منحة الجليل (3/ 117).
ومنه قوله تعالى: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا)، فتقدير الكلام: واتقوا يوما لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا، فحذف: "فيه"، الرابط بين جملة النعت: (لا تجزي نفس)، والمنعوت: "يوما"، لأن الضمير في لفظ: "فيه" المقدر، عائد على: "يوما"، وفي كيفية حذفه، كما يقول ابن عقيل، رحمه الله، قولان:
الأول: أنه حذف بجملته دفعة واحدة.
الثاني: أن "في"، حذفت أولا، فاتصل الضمير بالفعل: "تجزي"، فصار: "تجزيه"، ثم حذفت الهاء، والله أعلم.
بتصرف من شرح ابن عقيل رحمه الله: (3/ 154).
ومنه قوله تعالى: (قالوا الآن جئت بالحق)، أي: الحق البين في هذه المسألة، فحذف النعت جوازا لدلالة السياق عليه.
ومثله: قوله تعالى: (إنه ليس من أهلك)، أي الناجين.
بتصرف من شرح ابن عقيل رحمه الله: (3/ 159).
ومنه قوله تعالى: (أفلم تكن آياتي تتلى عليكم)، فتقدير الكلام: ألم تأتكم آياتي وتتلى عليكم، فحذف المعطوف عليه: "ألم تأتكم"، لدلالة السياق عليه، فإقامة الحجة عليهم بتلاوة آيات الله لا يتأتى إلا بعد إتيانها أولا ومن ثم تلاوتها ثانيا، كما أشار إلى ذلك الزمخشري، غفر الله له، والله أعلم.
بتصرف من شرح ابن عقيل رحمه الله: (3/ 188_189).
ومنه حذف المنادى في:
قوله تعالى: (ألا يا اسجدوا)، في قراءة الكسائي، رحمه الله، فأداة النداء "يا"، دخلت على الفعل "اسجدوا"، والنداء من خصائص الأسماء، كما أشار إلى ذلك ابن مالك، رحمه الله، في ألفيته بقوله:
بالجر والتنوين والندا وأل ******* ومسند للاسم تمييز حصل
وعليه لابد من تقدير منادى محذوف، فيكون تقدير الكلام: يا هؤلاء اسجدوا، والتخريج الثاني لهذه القراءة، أن "يا" هنا ليست أداة نداء وإنما هي أداة تنبيه.
ومثله قوله تعالى: (يا ليتنا نرد)، فأداة النداء "يا"، دخلت على الحرف، فلزم تقدير منادى محذوف، فيكون تقدير الكلام: يا قوم ليتنا نرد، أو يقال، كما قيل في الآية السابقة، أن "يا" للتنبيه لا النداء.
وشواهد ذلك من كلام العرب كثيرة فمنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: (يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة)، فدخلت "يا" على حرف "رب" الذي أفاد هنا التكثير، فتقدير الكلام: يا قوم رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة.
وقول الشاعر:
يا ليتني وأنت يا لميس ******* في بلدة ليس بها أنيس
فدخلت "يا" على حرف "ليتني"، فتقدير الكلام: يا لميس ليتني وأنت ......................
وقول الفرزدق يهجو الرجل العذري:
يا أرغم الله أنفا أنت حامله ******* يا ذا الخنى ومقال الزور والخطل
فدخلت "يا" على الفعل: "أرغم"، فتقدير الكلام: يا هذا أرغم الله أنفا أنت حامله.
وقول ذي الرمة صاحب مية:
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ******* ولا زال منهلا بجرعائك القطر
فدخلت "يا" على الفعل: "اسلمي"، فتقدير الكلام: يا دار مية اسلمي ......................
وقول الشاعر:
ألا يا اسلمي ذات الدماليج والعقد ******* وذات الثنايا الغر والفاحم الجعد
فتقدير الكلام: يا ذات الدماليج اسلمي ..................... ، والله أعلم.
بتصرف من منتهى الأرب بتحقيق شرح شذور الذهب، للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله، ص40_41
و "منحة الجليل"، (1/ 219_220).
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 04 - 2006, 03:32 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
وإتماما للفائدة، حول حذف النعت في قوله تعالى: (الآن جئت بالحق)، يقول ابن هشام رحمه الله:
وفي هذه الآية، حذف الصفة، أي بالحق الواضح، ولولا أن المعنى على هذا لكفروا لمفهوم هذه المقالة.
¥