{ولا تقولوا ثلاثة}، خبر مبتدأ محذوف، أي: الآلهة ثلاثة. قال الزمخشري: والذي يدل عليه القرآن التصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة، وأن المسيح ولد الله من مريم.
ونص كلام الزمخشري غفر الله له:
{ثَلَـ?ثَةً} خبر مبتدأ محذوف، فإن صحت الحكاية عنهم أنهم يقولون: هو جوهر واحد ثلاثة أقانيم، أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم روح القدس. وأنهم يريدون بأقنوم الأب: الذات، وبأقنوم الابن: العلم، وبأقنوم روح القدس: الحياة، فتقديره الله ثلاثة، وإلا فتقديره: الآلهة ثلاثة. والذي يدل عليه القرآن التصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة، وأنّ المسيح ولد الله من مريم. ألا ترى إلى قوله:
{ءَأَنْتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ?تَّخِذُونِى وَأُمّىَ إِلَـ?هَيْنِ مِن دُونِ ?للَّهِ}
[المائدة:116]،
{وَقَالَتِ ?لنَّصَـ?رَى ?لْمَسِيحُ ?بْنُ ?للَّهِ}
[التوبة: 30].
وجدير بالذكر أن الكاثوليك من النصارى، أو "الملكانيين"، أي أتباع دين الملك أو الإمبراطور البيزنطي، وهم غالب نصارى الغرب، كنصارى فرنسا، زعيمة الكاثوليكية، وإسبانيا، الكاثوليكية المتعصبة، التي بطشت محاكم التفتيش فيها بمسلمي الأندلس، في القرون الوسطى بداية من عصر الهالكين "فرناندو" و "إيزابيلا" الملقبين بـ: "الكاثوليكيين"، وإيطاليا وبها المقر الرسمي لبابا الكاثوليك في "الفاتيكان"، كل هؤلاء يقولون بأن المسيح صلى الله عليه وسلم ابن الله، أو ما يعبرون عنه بالطبيعتين: الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية، وأما نصارى الكنائس الشرقية، أو "الأرثوذكس"، أي أتباع الدين الصحيح كما يزعمون، أو "اليعاقبة"، كنصارى روسيا ويوغوسلافيا، التي أنزل الصرب فيها الويلات بمسلمي البوسنة والهرسك إبان حرب البلقان الأخيرة، ونصارى بقية دول أوروبا الشرقية، ونصارى مصر عندنا، فيقولون بأن المسيح هو الله، أو ما يعبرون عنه بالطبيعة الواحدة، تعالى الله عز وجل عما يقول الفريقان علوا كبيرا، فغلو الفريق الثاني أشد وكفره أكبر وأعظم، وإن كان اسم الكفر يشمل كلا الفريقين، وتعصبه أكبر، ومن عاش مع القوم واطلع على أحوالهم، كما هو الحال عندنا في مصر، عرف مقدار حقدهم وكرههم لدين الإسلام وأهله جهلا منهم وتعصبا، ولو عرفوا الإسلام، لما كرهوه، ولكنهم قوم أسلموا عقولهم لرهبانهم وأحبارهم فساقوهم سوق النعاج لئلا تذهب رئاساتهم ومناصبهم الدنيوية الزائلة عنهم إذا ما اهتدى أتباعهم للحق، رغم أنهم عانوا من التضييق والاضطهاد في عهد احتلال الرومان الكاثوليك لمصر، الذين حكموا عليهم بالكفر في مجمع "خلقيدونية" بآسيا الصغرى سنة 451 هـ، وزجوا برهبانهم وقساوستهم في غياهب السجون، ولم ينعموا بالأمان والحرية إلا بعد فتح عمرو بن العاص، رضي الله عنه لمصر، ولكنهم قوم يعتدون.
لذا رد الله، عز وجل، على الطائفتين في سورة المائدة:
فقال تعالى ردا على الكاثوليك: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة).
وقال تعالى ردا على الأرثوذكس: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم).
ثم بين الحق بقوله: (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام)، إشارة إلى ما يلزم من تناول الطعام والشراب من خروج الفضلات من البدن، ومن كان محتاجا للطعام لكي يحيى، غير مستغن عن الخلاء ليذهب الأذى عن بدنه، كيف يكون إلها وهو مفتقر لغيره، والله، عز وجل غني عن خلقه، لا تنفعه طاعتهم ولا تضره معصيتهم، والله أعلم.
مستفاد من كتاب الشيخ الدكتور طه عبد المقصود، حفظه الله، تاريخ الخلفاء الراشدين، الجزء الأول أبو بكر الصديق وعمرو الفاروق، تحت عنوان: "حالة مصر قبل الفتح الإسلامي"، ص199، وقد نقل عن:
الدولة الإسلامية في عصر الخلفاء الراشدين، ص209، 210.
وتاريخ الإسلام السياسي والديني للدكتور حسن إبراهيم، (1/ 235، 236).
ومصر في فجر الإسلام لسيدة كاشف، ص5.
وتاريخ العالم لولز موجز، (2/ 704_721).
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 05 - 2006, 02:08 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
¥