ومن ذلك قوله تعالى: (انتهوا خيرا)، فتقدير الكلام: انتهوا يكن الانتهاء خيرا لكم، فحذف كان واسمها، وأبقى خبرها لدلالة السياق عليه، وهذه المسألة تشبه مسألة: (التمس ولو خاتما من حديد)، حيث حذفت كان واسمها، فتقدير الكلام: التمس ولو كان ما تلتمسه خاتما من حديد، لوقوعهما بعد "لو" الشرطية، ويشكل على التقدير السابق أن السياق في الآية سياق أمر لا شرط، و "خيرا" واقعة في جواب الطلب، والجواب عن ذلك: أن العامل في جزم جواب الطلب شرط مقدر، فأسلوب الطلب يتضمن معنى الشرط، فكأن السياق: إن تنتهوا يكن الانتهاء خيرا لكم، فحذفت كان واسمها وبقي الخبر، كما تقدم، والله أعلم.
مستفاد من شرح الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الجليل، حفظه الله، لشذور ابن هشام رحمه الله.
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (فما منكم من أحد عنه حاجزين)، فـ "أحد"، اسم "ما" مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، و "حاجزين": خبرها، وعليه يكون الجار والمجرور "منكم" متعلقا بمحذوف تقديره: "أعني"، فيكون تقدير الكلام: ما أحد، "أعني منكم"، عنه حاجزين.
خلاف ما إذا أعملنا الجار والمجرور في "أحد"، لأن الجار والمجرور إذا سبق بنفي جاز أن يعمل عمل الفعل فيرفع فاعلا ولكنه لا يتعدى لمفعول، فإذ كان الحال كذلك أعرب: "أحد": فاعل لـ "منكم"، و "حاجزين": نعت للفاعل، تبع الفاعل في حركة جره بحرف الجر الزائد، فجر بالياء لأنه جمع مذكر سالم، فهو نعت مجرور لمنعوت مجرور لفظا مرفوع حكما، وعليه لا يلزم في هذه الحال تقدير أي محذوف.
وجاز وصف الواحد، "أحد"، بالجمع، "حاجزين"، لأنه اسم عام، فنزل منزلة الجمع، والله أعلم.
مستفاد من شرح الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الجليل، حفظه الله، لشذور ابن هشام، رحمه الله، ص222.
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي)
فمن ضمن احتمالات إعراب "أخي":
أن يكون لفظ "أخي" قد عطف على محل إن واسمها "ياء المتكلم"، ومحلهما الرفع، فيكون تقدير الكلام: وأخي كذلك، فهو من باب عطف المفرد على المفرد.
أو يكون التقدير أيضا: وأخي كذلك، ولكن من باب عطف الجمل على الجمل فتكون جملة "أخي كذلك"، معطوفة على جملة إن واسمها وخبرها "رب إني لا أملك إلا نفسي"، والله أعلم.
بتصرف من شرح شذور الذهب، ص68.
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 05 - 2006, 03:02 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ومن ذلك:
قوله تعالى: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض).
يقول أبو حيان رحمه الله:
وزعم: من الأفعال التي تتعدى إلى اثنين إذا كانت اعتقادية، والمفعول الأول هو الضمير المحذوف العائد على الذين، والثاني محذوف أيضاً لدلالة المعنى، ونابت صفته منابه، والتقدير: الذي زعمتموهم آلهة من دونه، وحسن حذف الثاني قيام صفته مقامه.
فالثاني "آلهة": نكرة وصفت بالجار والمجرور: (من دون الله)، فحسن حذفه، كما ذكر أبو حيان رحمه الله.
وأما قوله: (وزعم: من الأفعال التي تتعدى إلى اثنين إذا كانت اعتقادية)، فمن شواهده من كلام العرب:
زعمتني شيخا، ولست بشيخ ******* إنما الشيخ من يدب دبيبا
أي اعتقدت أني شيخ، فياء المتكلم: المفعول الأول، و "شيخا": المفعول الثاني.
يقول الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله: (وقد زعم الأزهري، رحمه الله، أن "زعم" لا تتعدى إلى مفعوليها بغير توسط "أن"، كما في قول كثير عزة:
وقد زعمت أني تغيرت بعدها ******* ومن ذا الذي يا عز لا يتغير
وعنده، أي الأزهري رحمه الله، أن ما ورد مما يخالف ذلك ضرورة من ضرورات الشعر لا يقاس عليها، وهو محجوج بما روينا من الشواهد، وبأن القول بالضرورة خلاف الأصل)، والله أعلم.
بتصرف من "منحة الجليل"، (2/ 28).
ومن ذلك قوله تعالى:
(كهيعص * ذكر رحمة ربك عبده زكريا).
يقول القرطبي رحمه الله:
(في رفع «ذكر» ثلاثة أقوال:
قال الفراء: هو مرفوع بـ «كهيعص»، قال الزجاج: هذا محال، لأن «كهيعص» ليس هو مما أنبأنا الله عز وجل به عن زكريا، وقد خبّر الله تعالى عنه وعن ما بشّر به، وليس «كهيعص» من قصته.
وقال الأخفش: التقدير، فيما يقص عليكم ذكر رحمة ربك.
والقول الثالث: أن المعنى هذا الذي يتلوه عليكم ذكر رحمة ربك)
أي أن "ذكر"، مرفوع كخبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذا، فيكون المعنى: هذا ذكر رحمة ربك عبده زكريا، كما تقدم، والله أعلم.
وعليه يحمل قوله تعالى: (الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين)
فتقدير الكلام:
فيما يقص عليكم تنزيل الكتاب، كما قدره الأخفش.
أو: هذا تنزيل الكتاب لا ريب فيه، كما تقدم، والله أعلم.
ومن ذلك:
قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات).
يقول ابن عطية رحمه الله:
(والعامل في {إذ} فعل، تقديره: واذكر إذ).
وعليه تخرج كثير من الآيات كـ:
قوله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم)، فتقدير الكلام: واذكر إذ قال الله يا عيسى ....... ، والله أعلم.
¥