فإن قلت: لم قال: " منهما " وإنما يخرجان من الملح؟ قلت: لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال: يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه. وتقول: خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله بل من دار واحدة من دوره. وقيل: لا يخرجان إلا من ملتقى الملح والعذب. اهـ
وعليه لا يلزم تقدير محذوف على هذا القول، لأنه يخرج منهما، باعتبارهما شيئا واحدا، والله أعلم.
ومثله:
قوله تعالى: (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم).
فتقدير الكلام: لولا نزل هذا القرآن على رجل من إحدى القريتين عظيم.
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم)، فتقدير الكلام: يقولون ما نعبدهم، وإنما حسنه أن إضمار القول مستحسن عند النحاة، وسبقت الإشارة إلى طرف من ذلك، والله أعلم.
بتصرف من مغني اللبيب، (1/ 113).
وعليه يكون: (والذين اتخذوا)، في موضع رفع على الابتداء، والخبر هو القول المحذوف: (يقولون ما نعبدهم)، كما أشار إلى ذلك الزمخشري.
ومنه قوله تعالى: (إذا وقعت الواقعة ...................... وكنتم أزواجا ثلاثة)، فجواب الشرط محذوف لفهم المعنى، وحسنه طول الكلام، وتقديره: انقسمتم أقساما وكنتم أزواجا ثلاثة.
بتصرف من مغني اللبيب، (1/ 115).
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (خافضة رافعة)، فتقدير الكلام عند من قرأ بالرفع: هي خافضة رافعة، كما أشار إلى ذلك الزمخشري، ومثله قول سويد بن أبي كاهل اليشكري:
مستسر الشنء، لو يفقدني ******* لبدا منه ذباب فنبع
يريد: هو مستسر الشنء، أي البغض، ومنه قوله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر)، أي: إن مبغضك هو المقطوع الخير، أو المقطوع الأثر الذي لا عقب له.
يقول الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله:
فحذف الضمير، لأنه معروف ينساق إلى الذهن، ومثل ذلك أكثر من أن يحصى في كلام العرب.
منحة الجليل، (1/ 83).
وأما من قرأ بالنصب، فلا محذوف مقدر عنده، لأنها عنده حال، فيكون تقدير الكلام:
إذا وقعت الواقعة ............... حال كونها خافضة رافعة، والله أعلم.
ومثله:
قوله تعالى: (فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان)، فتقدير الكلام: فآخران يقومان ....................... هما الأوليان.
يقول الزمخشري غفر الله له:
" الأولين " الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما وارتفاعهما على: هما الأوليان كأنه قيل ومن هما؟ فقيل: الأوليان. اهـ، وهذا أحد تخريجات هذه الآية، والله أعلم.
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (ولكن البر من آمن بالله)، فتقدير الكلام: ولكن صاحب البر من آمن بالله، أو: ولكن البر بر من آمن بالله.
بتصرف من مغني اللبيب، (1/ 171).
والله أعلى وأعلم
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 06 - 2006, 07:27 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ومنه قوله تعالى: (ويسئلونك ماذا ينفقون قل: العفو)
فمن قرأ برفع "العفو"، جعله مبتدأ لخبر محذوف تقديره هو، أي: هو العفو، أو: المنفق العفو، أو: المنفق هو العفو، بفتح القاف.
ومن قرأ بالنصب، فالتقدير عنده: قل أنفقوا العفو، فنصبه بعامل محذوف بقرينة وروده في سؤالهم فاستغنى عن تكرار ذكره.
يقول الزمخشري غفر الله له:
و " ماذا " فيه وجهان: أن يكون ذا اسما موصولا بمعنى الذي فيكون كلمتين. وأن يكون " ذا " مركبة مع " ما " مجعولتين اسما واحدا فيكون كلمة واحدة فهو على الوجه الأول مرفوع المحل على الابتداء وخبره ذا مع صلته. وعلى الثاني منصوب المحل في حكم " ما " وحده لو قلت: ما أراد الله. والأصوب في جوابه أن يجيء على الأول مرفوعا وعلى الثاني منصوبا ليطابق الجواب السؤال. وقد جوزوا عكس ذلك تقول - في جواب من قال: ما رأيت خير أي المرئي خير. وفي جواب ما الذي رأيت. خيرا أي رأيت خيرا.
بتصرف من الكشاف.
فالزمخشري، يوجه القراءتين، بناء على "ماذا":
فمن قال بأنها كلمة واحدة، أعربها مفعولا مقدما لـ "ينفقون"، لذا استحسن مجيء الجواب، أيضا، منصوبا تبعا لنصب "ماذا".
¥