ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 06 - 2006, 07:46 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
يقول أبو حيان رحمه الله:
{فتاب عليكم}: ظاهره أنه إخبار من الله تعالى بالتوبة عليهم، ولا بد من تقدير محذوف عطفت عليه هذه الجملة، أي فامتثلتم ذلك فتاب عليكم.
وأما الزمخشري، غفر الله له، فقد قدر المحذوف بقوله:
ففعلتم ما أمركم به موسى فتاب عليكم بارؤكم.
فهي على ذلك "فاء فصيحة"، لأنها نابت عن ذكر ما سبق التوبة من الامتثال فأغنت عن جملة من الكلام، ولاشك أن الإيجاز في مواطن الإيجاز ضرب من ضروب الفصاحة، وقد سبقت الإشارة إلى هذه الفاء في موضع سابق، في آخر سورة الملك، والله أعلم.
ومنه قوله تعالى: (قُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)
يقول أبو حيان رحمه الله:
{فانفجرت}: الفاء للعطف على جملة محذوفة، التقدير: فضرب فانفجرت، كقوله تعالى: {أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} أي فضرب فانفلق. ويدل على هذا المحذوف وجود الانفجار مرتباً على ضربه ......................... وقد ثبت في لسان العرب حذف المعطوف عليه، وفيه الفاء حيث لا معطوف بالفاء موجود، قال تعالى: {فأرسلون يوسف أيّها الصّدّيق} التقدير: فأرسلوه فقال: فحذف المعطوف عليه، (فأرسلوه)، والمعطوف، (فقال)، وإذا جاز حذفهما معاً، فلأن يجوز حذف كل منهما وحده أولى. اهـ
فهنا حذف المعطوف عليه فقط وهو: (فضرب)، فجاز من باب أولى، كما أشار إلى ذلك أبو حيان رحمه الله.
ويواصل، رحمه الله، فيقول:
وزعم الزمخشري أن الفاء ليست للعطف، بل هي جواب شرط محذوف، قال: فإن ضربت فقد انفجرت، ........................ ، وهي على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ.
ونص كلام الزمخشري:
{فانفجرت}، الفاء متعلقة بمحذوف، أي فضرب فانفجرت. أو فإن ضربت فقد انفجرت، كما ذكرنا في قوله: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} وهي على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ. اهـ
وسبقت الإشارة إلى الفاء الفصيحة في الآية السابقة.
ويعترض أبو حيان على الزمخشري بما ملخصه:
أن تقدير "قد" في: (فإن ضربت فقد انفجرت)، لا يكاد يحفظ من لسان العرب، لأنه متى اتصلت بالفاء وجب إظهارها، فكيف يتحقق سبب وجوب ظهورها، فهي هنا متصلة بالفاء "فقد"، ومع ذلك تضمر؟.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 06 - 2006, 08:53 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
قوله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
يقول أبو حيان رحمه الله:
{وليعلم الله الذين آمنوا} هذه لام كي قبلها حرف العطف، فتتعلق بمحذوف متأخر أي: فعلنا ذلك وهو المداولة، أو نيل الكفار منكم. اهـ
أي: فعلنا ذلك ليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء.
ويواصل، رحمه الله، فيقول:
أو هو معطوف على سبب محذوف هو وعامله أي: فعلنا ذلك ليكون كيت وكيت وليعلم. هكذا قدّره الزمخشري وغيره، ولم يعين فاعل العلة المحذوفة إنما كنى عنه بكيت وكيت، ولا يكنى عن الشيء حتى يعرف. اهـ
فائدة:
قول أبي حيان رحمه الله:
ولا يكنى عن الشيء حتى يعرف، مما استدل به العلماء على أن سورة المدثر، ليست أول ما نزل من القرآن الكريم، وإن كان حديث جابر، رضي الله عنه، في هذا صريحا، إذ نص الحديث الذي أخرجه الشيخان: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت جابر بن عبد الله: أي القرآن أنزل أول؟
¥