تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقال: (يا أيها المدثر)، فقال: أنبئت أنه: (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، فقال: لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاورت في حراء، فلما قضيت جواري هبطت، فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فإذا "هو" جالس على عرش بين السماء والأرض، فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا علي ماء باردا .................. )، فالشاهد قوله عليه الصلاة والسلام: (فإذا هو): فكنى عن جبريل صلى الله عليه وسلم بالضمير، فدل ذلك على أنه قد رآه وعرفه قبل ذلك، فانتفى أن تكون هذه المرة هي المرة الأولى التي ينزل فيها الوحي، وعليه لا تكون سورة المدثر أول ما نزل من القرآن مطلقا، والله أعلم.

بتصرف من "إمتاع الجنان بعلوم القرآن"، للشيخ الدكتور عبد البديع أبو هاشم، حفظه الله، ص84.

ويرجح أبو حيان، رحمه الله، بين الوجهين فيقول:

ففي هذا الوجه، أي الوجه الثاني، حذف العلة، وحذف عاملها، وإبهام فاعلها. فالوجه الأول أظهر إذ ليس فيه غير حذف العامل. اهـ

وقد سبق أن الأصل عدم الحذف، فإذا ما ثبت الحذف في كل الأوجه قدم أقلها حذفا، والله أعلم.

ويواصل أبو حيان، رحمه الله، فيقول:

ويعلم هنا ظاهره التعدي إلى واحد، فيكون كعرف. وقيل: يتعدّى إلى اثنين، الثاني محذوف تقديره: مميزين بالإيمان من غيرهم. أي الحكمة في هذه المداولة: أنْ يصير الذين آمنوا متميزين عن من يدعي الإيمان بسبب صبرهم وثباتهم على الإسلام. اهـ

فإذا ما كانت "يعلم" هنا بمعنى "يعرف"، فإنها تتعدى إلى مفعول واحد، ولا يكون في الكلام حذف، ونظيره قوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا)، أي: لا تعرفون شيئا.

وأما إن كانت بمعنى "علم" القلبية، فإنها تتعدى لمفعولين، وعليه لابد من تقدير مفعول ثان محذوف لقوله تعالى: (وليعلم الله الذين آمنوا)، فيكون التقدير، كما ذكر أبو حيان رحمه الله: وليعلم الله الذين آمنوا متميزين عن غيرهم ممن يدعي الإيمان، أو: ليعلم الله الذين آمنوا صادقين في إيمانهم ........... الخ.

وعليه قول الشاعر:

علمتك الباذل المعروف فانبعثت ******* إليك بي واجفات الشوق والأمل

فعلم هنا نصبت مفعولين: كاف المخاطب المتصلة بالفعل "علمت"، و "الباذل".

بتصرف من شرح ابن عقيل، رحمه الله، (2/ 23، 40).

فائدة: المقصود بالعلم في هذه الآية هو علم الظهور والانكشاف، وهو العلم الذي يترتب عليه الثواب والعقاب، لا العلم بما كان مجهولا من قبل، فالله، عز وجل، يعلم كل الكائنات السابقة والحاضرة واللاحقة، علما كاملا مطلقا لا يعتريه جهل أو غفلة أو نقص، ولكن هذا العلم، وهو المعروف بـ "العلم الأول"، لا يترتب عليه ثواب أو عقاب حتى يظهر، فإذا ما قدر الله، عز وجل، على عبد من عباده طاعة أو معصية، فإن الثواب أو العقاب لا يترتب على مجرد هذا العلم، وإنما يثاب العبد أو يعاقب إذا ما وقعت الطاعة أو المعصية فعلا، وعندئذ يعلم الله منه طاعته أو معصيته علم ظهور وانكشاف، وهو المعروف بـ "العلم الثاني"، وهو المقصود في هذه الآية، والله أعلم.

ونظيره قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ)

إذ يقول أبو حيان رحمه الله:

وقيل: هو على حذف مضاف. أي: وليبتلي أولياء الله ما في صدوركم، فأضافه إليه تعالى تفخيماً لشأنه. والواو قيل: زائدة. وقيل: للعطف على علة محذوفة، أي: ليقضي الله أمره وليبتلي. اهـ

وقد سبق أن قدره أبو حيان في الآية السابقة بـ: فعلنا ذلك ليكون كذا وكذا، أي: فعلنا ما فعلنا لنبتلي ما في صدوركم.

وكذا الحال في بقية الآية: (وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، فإما أن يكون الفعل "ليمحص" معطوفا على "ليبتلي"، فلا محذوف مقدر، وإما أن يقدر المحذوف المقدر لـ "ليبتلي"، لـ "ليمحص"، فيكون سياق الكلام: وفعلنا ذلك أيضا لنمحص ما في قلوبكم، والله أعلم.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 06 - 2006, 09:22 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

ومنه أيضا:

قوله تعالى: (إن نظن إلا ظنا)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير