تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فتقدير الكلام: إن نظن إلا ظنا ضعيفا.

يقول أبو حيان رحمه الله:

{إن نظن إلا طناً}، تقول: ضربت ضرباً، فإن نفيت، لم تدخل إلا، إذ لا يفرغ بالمصدر المؤكد، فلا تقول: ما ضربت إلا ضرباً، ولا ما قمت إلا قياماً. فأما الآية، فتأول على حذف وصف المصدر حتى يصير مختصاً لا مؤكداً، وتقديره: إلا ظناً ضعيفاً، أو على تضمين نظن معنى نعتقد، ويكون ظناً مفعولاً به. اهـ

فـ "ما ضربت إلا ضربا"، لا تفيد معنى جديد، فالسامع لا يحتاج إلى تأكيد الفعل المذكور، إلا إذا قيد الضرب بنوع خاص، فيكون في الكلام زيادة فائدة تحصل للسامع بتخصيص الضرب بصفة معينة.

أو يضمن الفعل "نظن" معنى الفعل "نعتقد"، ويكون المعنى: ما نعتقد إلا ظنا، فيحصل المعنى دون تخصيص المصدر بصفة معينة، لأن المعنى يكون: اعتقادنا ظن، والظن لا يرتقي لمرتبة اليقين، فما زال الشك فيما تقوله كائنا في أفئدتنا، والله أعلم.

وقوله تعالى: (الزانية والزاني)

يقول أبو حيان رحمه الله:

ومذهب سيبويه أنه مبتدأ والخبر محذوف أي فيما يتلى عليكم حكم {الزانية والزاني}، وقوله {فاجلدوا} بيان لذلك الحكم، وذهب الفراء والمبرد والزجاج إلى أن الخبر {فاجلدوا} وجوزه الزمخشري.

وسبب الخلاف هو أنه عند سيبويه لا بد أن يكون المبتدأ الداخل الفاء في خبره موصولاً بما يقبل أداة الشرط لفظاً أو تقديراً، واسم الفاعل واسم المفعول لا يجوز أن يدخل عليه أداة الشرط وغير سيبويه ممن ذكرنا لم يشرط ذلك. اهـ

فالخبر، عند الفراء والمبرد والزجاج، "فاجلدوا"، موصول بالفاء، وإذ كان الأمر كذلك، فلابد، عند سيبويه رحمه الله، أن يكون المبتدأ مما يقبل أداة الشرط لفظا أو تقديرا، واسم الفاعل "الزانية"، مما لا يصح دخول الشرط عليه لفظا أو تقديرا، لذا قدر سيبويه، رحمه الله، التقدير السابق.

على أن الزمخشري، خرج قول الفراء والمبرد بقوله:

وإنما دخلت الفاء لكون الألف واللام بمعنى الذي وتضمينه معنى الشرط، تقديره: التي زنت، والذي زنى فاجلدوهما، كما تقول: من زنى فاجلدوه. اهـ

فالاسم الموصول فيه معنى الشرط، فقولك: من زنى جلد، يحمل نفس الدلالة المعنوية لقولك: الذي يزني يجلد، وإن اختلفت الألفاظ.

فيكون اعتراض سيبويه، رحمه الله، منتقضا، والله أعلم.

وكذا من قرأ بنصب "الزانية" و "الزاني"، فنصبه لهما بفعل محذوف من جنس الفعل الآتي بعدهما "فاجلدوا"، لأنه مشتغل عنهما بمفعوله "كُلَّ وَاحِدٍ"، فيكون تقدير الكلام: اجلدوا الزانية والزاني اجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة، وفي هذا التكرار نوع من التأكيد، وسبقت الإشارة إلى ذلك عند الكلام على قوله تعالى: (والقمر قدرناه منازل)، وإلى هذا الوجه أشار أبو حيان، رحمه الله، بقوله:

وقرأ عيسى الثقفي ويحيى بن يعمر وعمرو بن فائد وأبو جعفر وشيبة وأبو السمال ورويس {الزانية والزاني} بنصبهما على الاشتغال، أي واجلدوا {الزانية والزاني} كقولك زيداً فاضربه. اهـ

أي: اضرب زيدا فاضربه، لاشتغال الفعل بعده بـ "هاء الغائب"، فلزم تقدير فعل من جنس فعل الضرب قبل "زيدا" المنصوب، والله أعلم.

ومن ذلك أيضا:

قوله تعالى: {ولا تأخذكم بهما رأفة}

يقول أبو حيان رحمه الله:

وقال مجاهد والشعبي وابن زيد: في الكلام حذف تقديره {ولا تأخذكم بهما رأفة} فتعطلوا الحدود ولا تقيموها.

ومن العلماء من فسر الرأفة المنهي عنها بإقامة الحد مع تخفيف الضرب، وهو قول قتادة وابن المسيب، رحمهما الله، وإلى هذه الوجه أشار الزمخشري، غفر الله له، بقوله:

والمعنى أن الواجب على المؤمنين أن يتصلبوا في دين الله ويستعملوا الجد والمتانة فيه، ولا يأخذهم اللين والهوادة في استيفاء حدوده.

ومن ذلك أيضا:

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}

يقول أبو حيان رحمه الله:

وثم محذوف أي بالزنا، فالرمي هنا مقيد بـ "الزنا".

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 06 - 2006, 02:53 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

وقوله تعالى: (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد).

فتقدير الكلام: فلما نجاهم إلى البر انقسموا فمنهم مقتصد .......

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير