تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإما أن يقال بأن جملة "أتعس به" الطلبية في محل رفع خبر المبتدأ "جد الفرزدق".

وإما أن يقدر للمبتدأ خبر فيه دلالة القول، فيكون تقدير الكلام: وجد الفرزدق مقول فيه: أتعس به.

ومثله قول الشاعر:

إن الذين قتلتم أمس سيدهم ******* لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما

وسبقت الإشارة إليه عند الكلام على قوله تعالى: (إنهم ساء ما كانوا يعملون)، فالخبر في البيت على قول من منع وقوع الجملة الإنشائية خبرا، مقدر بـ: مقول فيهم لا تحسبوا ليلهم ......... ، وكذا في الآية الكريمة، فتقديره: إنهم مقول فيهم ساء ما كانوا يعملون.

والمانعون من ذلك، استثنوا خبر "أن" المخففة، فيجوز عندهم، وعند من قال بالجواز مطلقا في المسألة السابقة من باب أولى، يجوز عندهم وقوع خبر "أن" المخففة جملة إنشائية، وقد جاء التنزيل بذلك في:

قوله تعالى: (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم)، فاسم "أن": ضمير الشأن المحذوف، وجملة: (عسى أن يكون قد اقترب أجلهم)، جملة إنشائية وقعت في محل رفع خبر "أن"، دون الحاجة إلى تقدير محذوف.

وقوله تعالى: (والخامسة أن غضب الله عليها)، في قراءة من خفف "أن"، وجعل "غضب" فعلا ماضيا بكسر ضاده، فالاسم، أيضا، ضمير الشأن المحذوف، والخبر: جملة "غضب الله عليها" الدعائية الإنشائية، والله أعلم.

بتصرف من "منحة الجليل"، (1/ 281، 282).

ومثله في باب النعت قول الراجز:

حتى إذا جن الظلام واختلط ******* جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط؟

فجملة "هل رأيت الذئب قط؟ "، جملة استفهامية إنشائية، وقعت بعد نكرة، فإما أن تعرب مباشرة في محل جر نعت للمنعوت المجرور "بمذق"، لأن الجمل بعد النكرات صفات، أو يقال بأن النعت محذوف وتقديره: مقول فيه: هل رأيت الذئب قط؟، أي أنه في غبرته وكدرته يشبه لون الذئب، يريد أن الماء الذي خلط به كثير، والله أعلم.

بتصرف من "منحة الجليل"، (3/ 155).

وقوله تعالى: (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ)

وسبق أن الزمخشري، غفر الله له، عد الفاء في "فتاب عليكم"، فاء فصيحة، فيكون تقدير الكلام: ففعلتم ما أمركم الله به من قتل أنفسكم فتاب عليكم.

وله توجيه آخر وهو ما أشار إليه بقوله:

كأنه قال: فإن فعلتم فقد تاب عليكم. اهـ

فقدر شرطا محذوفا، والوجه الأول أولى، والله أعلم.

وقوله تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)

وعنه يقول الفراء رحمه الله: أمة مرتفعة بسواء، أي ليس أهل الكتاب مستوياً من أهل الكتاب أمة قائمة موصوفة بما ذكر وأمة كافرة، فحذفت هذه الجملة المعادلة، ودل عليها القسم الأول كقوله:

عصيت إليها القلب إني لأمره ******* سميع فما أدري أرشد طلابها

التقدير: أم غي فحذف لدلالة أرشد.

ورواية ابن هشام، رحمه الله، لهذا البيت في "المغني":

دعاني إليها القلب إني لأمره ******* سميع فما أدري أرشد طلابها

وسبقت الإشارة إليها.

ويواصل، الفراء، رحمه الله، فيقول: لأن المساواة تقتضي شيئين: سواء العاكف فيه والبادِ، سواء محياهم ومماتهم.

بتصرف من "البحر المحيط"، لأبي حيان رحمه الله.

ونظيره قوله تعالى: (هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ)

يقول أبو حيان رحمه الله:

وثم جملة محذوفة تقديرها: ولا يؤمنون به كله بل يقولون: نؤمن ببعض ونكفر ببعض، يدلُّ عليها إثبات المقابل في تحبونهم ولا يحبونكم. اهـ

البحر المحيط.

فحذف هنا أيضا الجملة المعادلة لدلالة الأولى عليها.

والله أعلى وأعلم

ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 07 - 2006, 08:50 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

ومن ذلك أيضا:

قوله تعالى: (إن الله عليم بذات الصدور)

يقول أبو حيان رحمه الله:

والذات لفظ مشترك ومعناه هنا أنه تأنيث ذي بمعنى صاحب. فأصله هنا عليم بالمضمرات ذوات الصدور، ثم حذف الموصوف، وغلبت إقامة الصفة مقامه. اهـ

وسبقت الإشارة إلى هذا النوع من الحذف مرارا، والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير