تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يقال بأن المسح يطلق، أيضا، في لغة العرب على: الغسل، يقول القرطبي رحمه الله: (قال الهروي: أخبرنا الأزهري أبو بكر محمد بن عثمان بن سعيد الداري، عن أبي حاتم عن أبي زيد الأنصاري، قال: المسح في كلام العرب غسلا ويكون مسحا، ومنه يقال: الرجل إذا توضأ فغسل أعضاءه فقد تمسح، ويقال: مسح الله ما بك، إذا غسلك وطهرك من الذنوب). ويكون تخصيص الرجلين من بين سائر المغسولات باسم المسح ليقتصد في صب الماء عليهما، إذ كانت مظنة للإسراف.

بتصرف من الإشارات النافعات على شرح منتهى الإيرادات للشيخ الدكتور أحمد بن منصور آل سبالك، حفظه الله، (1/ 138_141).

وقد رجح ابن هشام، رحمه الله، أن العطف هنا على الرءوس، فيكون المقصود بمسح الأرجل في الآية: "المسح على الخفين"، وهذا أرجح من ثلاثة أوجه:

من جهة أن الحمل على المجاورة حمل على شاذ، فينبغي صون القرآن عنه.

ومن جهة أن العطف على الوجوه والأيدي، يلزم منه الفصل بين المتعاطفات بأجنبي وهو جملة "وامسحوا برءوسكم"، وإذا حمل الجر على العطف المباشر على "رءوسكم" لم يلزم الفصل بأجنبي، والأصل أن لا يفصل بين المتعاطفين بمفرد فضلا عن الجملة.

ومن جهة أن العطف على هذا التقدير حمل على المجاور: "برءوسكم"، وعلى التقدير الأول، أي: العطف على "أيديكم"، حمل على غير المجاور، والحمل على المجاور أولى، فيرجح الجر من هذه الجهة، ولا يعترض على هذا التوجيه بقراءة النصب، لأن نصب "أرجلكم" في قراءة من نصبها لا يلزم منها العطف على "أيديكم" المنصوبة، وإنما قد يقال بأن العطف، في حقيقته، على "برءوسكم"، لأنها، وإن كانت مجرورة، فهي في محل نصب بالعامل "امسحوا"، إما بتعديه إلى معموله "رءوسكم" بحرف الجر "الباء"، وإما بالقول بزيادة حرف الجر "الباء"، لإفادة معنى التبعيض، كما هو مذهب الشافعية رحمهم الله، أو الإلصاق كما هو مذهب الجمهور، فيكون تقدير الكلام: وامسحوا رءوسكم، ومن ثم عطف عليها "أرجلكم" فنصبت تبعا لها، ومن ثم دخلت الباء على "رءوسكم" فجرت لفظا مع بقائها منصوبة محلا وعطف لفظ "أرجلكم" على محلها، وشاهده من كلام العرب:

قول الراجز:

يسلكن في نجد وغورا غائرا

بجر "نجد" ونصب "غورا" بالعطف على محل "في نجد"، فـ "نجد" مجرورة لفظا منصوبة محلا.

بتصرف من "شرح شذور الذهب"، ص351، والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 08 - 2006, 08:29 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

ومن ذلك أيضا:

قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)

وعنها يقول أبو حيان، رحمه الله:

قرأ جمهور السبعة: {وأكن} مجزوماً. قال الزمخشري: {وأكن} بالجزم عطفاً على محل {فأصدق}، كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن. انتهى. وقال ابن عطية: عطفاً على الموضع، لأن التقدير: إن تؤخرني أصدق وأكن، هذا مذهب أبي علي الفارسي. وحكى سيبويه عن الخليل أنه: جزم "أكن" على توهم الشرط الذي يدل عليه التمني في "لولا". اهـ، بتصرف.

فالفعل "أصدق" وقع في جواب التمني بـ "لولا"، فقدر شرط محذوف يصلح وقوع جوابه في محل جزم ليسوغ عطف المجزوم "أكن" عليه، لأن المتعاطفين يأخذان نفس الحكم، وهذا الحكم عام في كل فعل دعاء أو التماس أو أمر وقع في جواب طلب سواء أكان الطلب بالتمني أم الأمر أم ................ الخ، والله أعلم.

ولهذا الضابط أمثلة كثيرة منها:

قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم)، وقد مثل ابن هشام، رحمه الله، بهذه الآية على مسألة حذف أداة الشرط وفعل الشرط إذا تقدم عليهما طلب بمعنى الشرط دون لفظه، إذ تقدير الكلام: تعالوا فإن تأتوا أتل عليكم .............. ، فالطلب المتقدم قوله: "تعالوا"، وأداة الشرط المقدرة: "فإن"، والشرط المقدر هو: "تأتوا"، وهو متحد مع الطلب "تعالوا" في المعنى دون اللفظ، والأصل اتحادهما لفظا ومعنى، كما في قولك: ائتني أكرمك، فتقدير الشرط المحذوف: ائتني فإن تأتني أكرمك، فالطلب "ائتني" و الشرط "تأتني" متحدان لفظا ومعنى، هذا هو الأصل، ولكن لما كان الطلب "تعالوا"

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير