ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 08 - 2006, 07:58 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ومثله:
قوله تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء).
أي: إن تستغفروا وتتوبوا يرسل السماء عليكم مدرارا، فهي قريبة الشبه بقوله تعالى: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا).
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ)
فتقدير الكلام: إلا ما يتلى عليكم تحريمه، وإلى ذلك أشار أبو حيان، رحمه الله، بقوله:
({إلا ما يتلى عليكم} هذا استثناء من بهيمة الأنعام والمعنى: إلا ما يتلى عليكم تحريمه من نحو قوله: {حرمت عليكم الميتة} وقال القرطبي: ومعنى يتلى عليكم يقرأ في القرآن والسنة، ومنه {كل ذي ناب من السباع حرام}). اهـ
واستدلال القرطبي، رحمه الله، بحديث: (كل ذي ناب من السباع حرام)، و كذا الاستدلال بالنهي عن كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطيور، يدل على أن السنة تستقل بإنشاء أحكام شرعية لم يأت بها القرآن الكريم، وفي هذا رد حاسم على من أسموا نفسهم بـ "القرآنيين"، فزعموا الاكتفاء بما ورد من أحكام مجملة في القرآن الكريم، وردوا السنة جملة وتفصيلا، والصحيح الذي لا يشك فيه أي مسلم صحيح الاعتقاد أن للسنة منزلة عظيمة في التشريع الإسلامي، فهي ثاني أدلة الأحكام بعد القرآن الكريم، تؤكد أحكامه، وتفصل مجمله، بل وتستقل بإنشاء أحكام شرعية سكت عنها القرآن، كما في الحديث السابق، فهي وحي من الله، عز وجل، كالقرآن الكريم، وإن كان لفظها لا يتعبد به كلفظ القرآن المعجز، والله أعلم.
لطيفة حول هذه الآية:
يقول أبو حيان رحمه الله:
ذكروا أن الكندي الفيلسوف قال له أصحابه: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم، أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياماً كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر، ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلاً عاماً، ثم استثنى استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في إجلاد. انتهى.
قوله تعالى: (يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله وَلاَ الشهر الحرام)
فتقدير الكلام، كما ذكر ابن عاشور رحمه الله: لا تحلّوا مُحرّم شعائرِ الله، لأن الشعائر منها ما هو محرم فلا يحل، ومنها ما هو واجب أو مستحب فيحل بل ويجب فعله، أو يترجح فعله على تركه، والله أعلم.
قوله تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)
فإذا ضمن الفعل "يجرمنكم" معنى الفعل "يحملنكم"، آل السياق إلى: ولا يجرمنّكم شَنَآَن قوم أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ على أَنْ تَعْتَدُوا، أي: لا يحملنكم هذا على الاعتداء عليهم بلا وجه حق.
وأما في قراءة من كسر همزة "أن" فصيرها "إن" الشرطية، فجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، فيؤول الكلام إلى: إن صدوكم عن المسجد الحرام فلا يجرمنكم بغضهم على أن تعتدوا، كما أشار إلى ذلك ابن عاشور، رحمه الله، والله أعلم.
ومثله قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ)
فتقدير الكلام: ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي على أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح ................ الخ.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ).
يقول أبو حيان رحمه الله:
¥