أ*. المسألة الأولى: أن يعمل العامل في ضميرين، الضمير الأول أعرف من الثاني، ولم يقع في محل الرفع، فعند توافر هذه الشروط، يجوز في الضمير الثاني الوجهان: الاتصال والانفصال.
قال تعالى: {فسيكفيكهم الله}، فالعامل في الآية "يكفي"، عمل في ضميرين، الأول "كاف الخطاب"، والثاني "هم"، والضمير الأول أعرف من الثاني، وهو في محل نصب؛ لذلك يجوز في الضمير الثاني الاتصال والانفصال، فالاتصال على ما جاءت به الآية، والانفصال في غير القرآن "فسيكفيك الله إياهم".
ب*. المسألة الثانية: أن يكون الضمير منصوباً بكان أو إحدى أخواتها، نحو: "الصديق كنته" أو "كانه زيد".
وهناك أمور تندرج تحت المسألة الأولى، وهي:
• أن يكون العامل فعلاً غير ناسخ، فالوصل أرجح من الفصل، ومثاله: {أنلزمكموها}، وقوله تعالى: {فيسفيكهم الله}.
• أن يكون العامل اسماً، فالفصل أرجح من الوصل، وجاء على الوصل قوله:
لئن كان حبك لي كاذباً----لقد كان حبيك حقاً يقينا\
ومن الفصل قوله:
ومن طاعتي إياه أمطر ناظري----له حين يبدي من ثناياه لي برقا
• أن يكون العامل فعلاً ناسخاً، فالأرجح عند الجمهور الفصل، ورجح ابن مالك والرماني وابن الطراوة الوصل، ولكلٍ منهما أدلته سنعرض لها سريعاً بعد استعراض الشواهد:
من ورود الفصل، قوله:
أخي حسبتك إياه وقد ملئت---- أرجاء صدرك بالأضغان والإحنِ
ومن ورود الوصل قوله:
بلغتُ صنع امرئ برٍّ إخالكه----إذ لم تزل لاكتساب الحمدِ مبتدرا
فمن اختار الاتصال في مثل هذه الحالة، ذكروا أن الاتصال هو الأصل، وأنه لا يعدل عن الأصل إلا إذا تعذر، وذلك أنّ الضمير وضع لاختصار الأسماء، والمتصل أشد من المنفصل تأدية لهذا الغرض، غير أنّ ورود الانفصال عن العرب كان سبباً في تجويزه.
والحاصل اجتماع أمرين في مثل هذه الحالة، أولها أن الأصل في الضمير الاتصال، والثاني أن الأصل في الخبر الانفصال، فمن رجح الأول فالوصل عنده أرجح، ومن رجح الثاني، فالفصل عنده أرجح.
• أن يكون الضمير الأول في محل رفع، فالوصل واجب، نحو: "ضربته" و"أكرمته".
• أن يكون الضمير الأول غير أعرف، فالفصل واجب، نحو: "أعطاه إياك".
• ويجب الانفصال إذا اتحدت الرتبة في المعرفة، نحو: "ملكتني إياي"، و"ملكتك إياك"، إلا إذا كان الاتحاد في الغيبة فالاتصال جائز إذا اختلف لفظ الضميرين، كقوله:
لوجهك في الإحسان بسط وبهجة----أنالهماه قفوَ أكرمِ والدِ
وهذه الأمور يجمعها الرسم البياني:
http://forum.ma3ali.net/upload/File/1166813128.jpg
رابعاً: ضمير الفصل:
ضمير الفصل يقع بين المبتدأ والخبر، أو ما أصلهما مبتدأ وخبر، ويشترط فيه ستة شروط: شرطان فيه، وشرطان فيما قبله، وشرطان فيما بعده، أما شرطاه في نفسه:
• أن يكون بصيغة المرفوع، فلا يصح:"سعيدٌ إياه الوفي".
• أن يطابق ما قبله، أي: المبتدأ أو ما أصله مبتدأ، في التكلم، والإفراد، والتذكير، كقوله تعالى: {إنني أنا الله}، وقوله: {إنه هو الغفور الرحيم}، وقوله: {إنك أنت العزيز الحكيم}.
وأما شرطا ما قبله:
• أن يكون مبتدأ، أو أصله مبتدأ.
• أن يكون معرفةً.
وأما شرطا ما بعده:
• أن يكون خبراً لمبتدأ، أو ما أصله مبتدأ.
• أن يكون معرفة، أو في حكم المعرفة في عدم قبول أل.
وذكر د. فاضل السامرآئي في كتابه "معاني النحو"، فوائد و أغراضاً لوجود ضمير الفصل في الكلام:
• الإعلام بأن ما بعده خبر لا تابع، قال تعالى: {إن هذا لهو القصص الحق}، فوجود الضمير عين أن يكون "القصص" خبراً لا بدلاً، فلولا الضمير لكن يحتمل أن يكون "الحق" خبراً، و"القصص" بدلاً، فيكون المعنى: إن هذا القصص هو الحق. وقوله تعالى: {ذلك هو الضلال البعيد} فوجود الضمير عين كون ما بعده خبراً، ولولا وجوده لاحتمل كون "البعيد" خيراً، و"الضلال" بدلاً، فيكون المعنى: ذلك الضلال هو البعيد، وليس هذا المراد.
¥