2 - كما بدأ التجديد في مناقشة أقوال القدماء والمحدثين على السواء، فرفض أحكاماً عدَّها من الشاذ، أو مما تأوّله القدماء، أو مخالفة للقياس، وكانت عنده الجرأة في تقديم قواعد جديدة انفرد بها، قامت على المحاكمة والتحليل، ولم تكن مخالفة للاستدلال الذهني الذي أرسى عليه عدداً من الأحكام، وكذا المعنى الذي كان نصب عينيه دائماً عند شرح القاعدة وتحليلها وإعرابها شواهدها وأمثلتها.
3 - تجديد الحلواني متميزاً عن غيره، وأعيد هذا إلى أنه مارس التدريس في مراحله كلّها، ومن يعمل بالتدريس يكتشف أشياء قد تكون خافية على الطالب أو المتعلم، فهو يريد أن يقربها من ذهن الطالب الذي صعبت عليه عبارة القدماء مرة ... فكان أن اجتهد في كثير من القواعد فأصاب في معظمها، وجانبه الصواب في قليل منها، لأنَّ ثمة قواعد لم يقتنع بها،
4 - ويكفيه أنه لم يشأ من التجديد الحذف والاختصار والإخلال وأحياناً الهدم كما فعل الكثيرون!! بل إنَّ ما قدمه د. الحلواني يشكل حلقة من حلقات تجديد النحو، وهي حلقة قوية متينة أَحْكَمَ صُنْعَها، ولا شك في أنَّ ما قدمه يستحق الوقوف عليه والدراسة، ومن ثمَّ الحكم.
5 - كتابه "النحو الميسَّر" وهو الكتاب الذي جمع فيه جهوده من عدد من الكتب، ولنقل: هو صفوة ما وصل إليه في تلك الكتب بعد أن استقرّت عنده الآراء والأحكام واستوت، وهذه الكتب هي1 - "الواضح في النحو" و 2 - "المختار" الذي قال في مقدمته "إنه تتمة لكتاب الواضح في النحو أو جزء ثانٍ له"، و 3 - "المنهل" و4 - "المعين" و 5 - "المنجد" وهي كتب تعليمية، يُضاف إليها كتابان في الصرف ضمَّ 6 - "المغني الجديد في علم الصرف" كتاب 7 - "الواضح في الصرف" مضافاً إليه8 - المدخل إلى علم الصرف 9 - وجذور الكلمات وأبنيتها، 10 - والتعبير عن الجنس (التذكير والتأنيث) ... وما يلاحظ أن جهوده في الصرف لم تكن ذات شأن كبير إذا ما قيست بجهوده النحوية من هنا كان اقتصار البحث على التجديد في النحو!
6 - - ثم يناقش الدكتور شوقي المعري- أطروحات الحلواني ورؤاه في النحو العربي-في محاوروقضايا وصفحات- من خلال كتابه "النحو الميسَّر" وهو الكتاب الذي جمع فيه جهوده من عدد من الكتب، ولنقل: هو صفوة ما وصل إليه يقول الدكتور شوقي المعري
:" ناقشته في بعضها، وخالفته في بعضها الآخر، ورأيت أنه قصَّر في بعضها الثالث، وأقول –بداية- إنَّ معظم ما وصل إليه الحلواني من الجديد الصحيح السليم، لأنه قام على المنطق والمحاكمة العقلية، بأسلوب علمي في عرض الأبحاث من التعريف إلى المقدمة إلى الشاهد إلى التبويب وصولاً إلى النتائج ... ووصلت إلى قناعة أنّ الحلواني رائد من رواد تجديد النحو، لأنَّه تميَّز بما وصل إليه، وتفرّد في بعض المسائل ولا سيما التي فيها تأويلات، يُضاف إلى هذا دقة العبارة، ورصد دقيق لكثير من الأحكام مع العناية بالمصطلح وتحديده تحديداً دقيقاً، فكانت كل هذه عناوين للبحث.
7 - ويقول أيضا:" وكان تأثير علم اللغة الحديث، وعلم الدلالة واضحاً في معظم ما قدَّمه! "أهـ.
8 - وفي خاتمة بحثه المناقش للحلواني يقول:" وبعد ...
فقد اطلعنا على النحو الذي قدمه د. محمد خير الحلواني في كتابه "النحو الميسر" وبعض الأحكام من كتابه "المختار" التي لم يضمّها الكتاب الأول الذي يُعدّ صفوة آرائه، وكتبه التي ألّفها ولا سيما التعليمية وقد وجدنا عنده آراء وأحكاماً تصلح أن يُطلق عليها نظرات في تجديد النحو العربي، بل هي –حقاً- تجديد لم يصل إليه كثيرون ممن سبقوه، فكان في عمله –برأيي- رائداً من رواد تجديد النحو العربي.
وقد قدم لنا النحو بطريقة علمية منطقية، ومنهج صحيح سليم، دقيق جدير بالنظر، وهو الذي ناقش العلماء القدامى ووصل إلى آراء تفرّد بها، ورجّح بعضها على بعض آخر مستنداً في هذا إلى التحليل والمناقشة العلمية ورفد هذا بالشواهد التوضيحية بدءاً من الشعر الجاهلي وانتهاءً بالعبارة بل الكلمة المفردة التي من يحيط القارئ المعاصر، يُضاف إلى هذا الطريقة التعليمية التي أجاد فيها فهو معلم وهذا ما أفاد منه في التجديد والتيسير لأن المعلم هو الذي يكشف الخطأ فيصححه، ويذلّل الصعوبة لأنه يعرف مواطنها.
إن ما قدمه د. الحلواني تميز بالدقة في الحكم والعبارة والمصطلح والرصد الذي غاب عن كثيرين، مستفيداً –أيضاً- من علم اللغة الحديث في عبارته التي أقنعت فقدّم لنا نحواً ميسراً، فهو –وإن قصّر في بعض الجوانب- رائد لا يقلل من جهده بعض الهفوات أو وجهات النظر الخاصة التي طرحها، ويبقى أن هدفه تقديم النحو العربي على صورة معاصرة سليمة صحيحة في وقت لا يزال كثيرون يجدونه المادة الأصعب، وهو ليس كذلك لمن أراد أن يتعلم." أ. هـ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[رجل اللغة]ــــــــ[23 - 12 - 2006, 11:28 م]ـ
بارك الله فيك
ودمت من الله أقرب