قال تعالى ((لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون)) سورة الأنبياء (2)
الشبهة:-
زعم أعداء الإسلام أن الفعل هنا ((أسر) له فاعلان (الواو)، (الذين)، وهذا مخالف لقواعد اللغة عند أهل العربية، فكل فعل لابد له من فاعل، واحد، فالقرآن أخطأ وأتى بفاعلين لفعل واحد.
الرد على الشبهة:-
ذكر الإمام الزمخشري رحمه الله أربعة أوجه لإعراب هذه الآية، وهي:-
1 - الذين بدل من الواو ((أسروا)).
2 - جاء على لغة من قال:- أكلوني البراغيث، وعلى هذه اللغة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)، وأورد الشوكاني آية اخرى نزلت على نفس اللغة وهي قوله تعالى ((ثم عموا وصموا كثير منهم) المائدة (71) وكقول الشاعر: ولكن ديافى أبوه وأمه**بحوران يعصرن السليط أقاربه.
3 - أن الذين منصوب على الذم.
4 - أن (الذين ظلموا) مبتدأ مأخر، والخبر مقدم عليه ((أسروا النجوي)).
وأضاف الإمام الشوكاني رحمه الله وجها خامسا وهو:-
-أن الذين فاعل لفعل محذوف تقدره يقول أي: يقول الذين ظلموا.
وهناك من يقول ان الواو في أسروا ماهي إلا علامة لجمع الفعل، والفاعل هو الذين، حيث أن العرب تقول ذلك حتى في المثني كقولهم:-قاما اخواك، كقول الشاعر:-
يلومونني في اشتراء النخيل**أهلي فكلهمو يعزل ((وهناك من يستشهد بهذا البيت في لغة اكلوني البراغيث)).
وهناك لفتة لأهل البلاغة في هذه الآية الكريمة، حيث ذكروا ان هناك أسلوب في البلاغة لايعرف له مثيل ألا وهو أسلوب الاستئناف البلاغي، وهو أن تذكر جملة تثير في السامع تساؤلا لطيفا، فتاتي جملة أخرى تجيب على هذا التساؤل.
فجملة (أسروا النجوى) تثير في نفس السامع تساؤلا .. من هم الذين أسروا النجوى؟؟؟ فأتت الجملة الذين ظلموا، جوابا لهذا التساؤل.
وعلى هذا بالذين واقعة في جملة غير الجملة الأولى، وهي جواب الاستفهام (خبر).
وقد ذكر عبد القاهر الجرجاني أن هذا يسمى الإضمار على شريطة التفسير، وهو أن تأتي بالضمير، ثم تذكر تفسيره.
انتهى
تحياتي لكم