[نصراني يقول: أن هناك خطأ نحويا في القرآن!!!]
ـ[ألف بيت]ــــــــ[17 - 02 - 2004, 03:04 ص]ـ
سؤال رقم 49860: يسأل عن إعراب كلمة (الصابئون) وكيف نردّ على من يقول إنها خطأ نحوي في القرآن
السؤال:
أريد إعراب كلمة "الصابئون" في سورة المائدة، ولماذا جاءت بالواو، مع أنها في آية أخرى جاءت بالياء، وتشابه الكلام في الآيتين كبير. وقد كان ذلك سببا في خلاف كبير بيني وبين شخص نصراني يقول: إن القرآن فيه أخطاء نحوية، فقلت له: سأترك الإسلام إن كان هناك خطأ نحوي واحد في القرآن. وقولي هذا عن قوه إيمان، وعن ثقة بأن القرآن، كلام الله سبحانه وتعالى، منزه عن قول المفترين.
الجواب:
الحمد لله
وردت كلمة " الصابئين " بياء النصب في سورتي البقرة والحج؛ في قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62، وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) الحج/17
ووردت نفس الكلمة بواو الرفع في سورة المائدة؛ في قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) المائدة/69 أما الآيتان الأوليان فلا إشكال في إعرابهما؛ لأن الكلمة فيهما وقعت معطوفة بالواو على كلمة محلها النصب، وهي " الذين "؛ اسم إن، فنصبت، وعلامة نصبها الياء، لأنها جمع مذكر سالم.
وإنما محل الإشكال هو الآية الثالثة، آية سورة المائدة؛ فقد وقعت في نفس موقعها في الآيتين الأوليين، ومع ذلك جاءت مرفوعة.
وقد ذكر النحاة والمفسرون في توضيح ذلك الإشكال عدة وجوه، وذكروا نظائرها المعروفة في لغة العرب، ونكتفي هنا بثلاثة منها، هي من أشهر ما قيل في ذلك:
الأول: أن الآية فيها تقديم وتأخير، وعلى ذلك يكون سياق المعنى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى، من آمن بالله ... فلا خوف عليهم، ولاهم يحزنون، والصابئون كذلك، فتعرب مبتدأً مرفوعا، وعلامة رفعه الواو، لأنه جمع مذكر سالم. ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وَقَيَّار ٌبها لغريب
وموطن الشاهد قوله "قيار"، وهو اسم لفرسه، أو جمله؛ فقد جاءت هذه الكلمة مرفوعة على أنها مبتدأ، ولم تجئ منصوبة على أنها معطوفة على اسم إن المنصوب وهو ياء المتكلم في قوله (فإني)
الثاني: أن " الصابئون " مبتدأ، والنصارى معطوف عليه، وجملة من آمن بالله ... خبر "الصابئون"، وأما خبر "إن" فهو محذوف دل عليه خبر المبتدأ "الصابئون"، ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر:
نحن بما عندنا، وأنت بما عندك راضٍ، والأمر مختلف
والشاهد فيه أن المبتدأ "نحن" لم يذكر خبره، اكتفاء بخبر المعطوف "أنت"؛ فخبره "راض" يدل على خبر المبتدأ الأول، وتقدير الكلام: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راض.
الثالث: أن " الصابئون " معطوف على محل اسم " إن "؛ فالحروف الناسخة، إن وأخواتها، تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر، واسم إن محله الأصلي، قبل دخول إن عليه الرفع لأنه مبتدأ، ومن هنا رفعت "الصابئون" باعتبار أنها معطوفة على محل اسم إن. [انظر: أوضح المسالك، لابن هشام، مع شرح محيي الدين، 1/ 352 - 366 , تفسير الشوكاني والألوسي، عند هذه الآية].
وما ذكرته، من قوة يقينك , وثقتك بكلام الله سبحانه، هو الواجب على كل مسلم، قال الله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) النساء/82 قال الشيخ ابن عاشور، رحمه الله في تفسيره:
¥