أخي الكريم الأستاذ عبد القادر الحمدو مرحبا بك، وإليك ما وعدتك به من أجوبة عن استفساراتك القيمة (وقد اقتبست الاستفسارات ثم كتبت ردودي تحتها):
1 - أنا تسرعتُ وقلت إنه مبني للمجهول-وربما هو كذلك وربما لا .. -.وأنا لا أجزم بذلك.
ويردد رأيي قول البحتري:
أَتُراني مُستَبدِلاً بِكَ ما عِش ..... تُ بَديلاً وَواجِداً مِنكَ بُدّا
فإعراب "أ تُراني، مستبدلاً"؟.سيُسهِّل الأمر.
كما قلت في إعرابي: فـ"تُراني" فعل مضارع مبني للمجهول متعد إلى ثلاثة مفاعيل أولها نائب فاعل، وأصله من (أرَى يُرِي) القلبية لا البصرية، أما البصرية فتتعدى إلى مفعولين فقط، ومنها قوله تعالى: "يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ" [الزلزلة:6].
أما إعراب "أتراني مستبدلا" فهو كالتالي:
أتُراني: الهمزة حرف استفهام. و (تُرى) فعل مضارع مرفوع للتجرد وعلامة رفعه الضمة المقدة للتعذر، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت وهو المفعول به الأول. والنون نون الوقاية مبنية على الكسر. والياء ضمير متصل للمتكلم مبني على السكون في محل نصب، مفعول به ثان.
مستبدلا: مفعول به ثالث منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
2 - هل يمكن أن تكون"ما"حرفاً مصدرياً. وإذا اعتبرنا "نتهادى" ليست بمعنى يهدي أحدنا الآخر هدية بل بمعنى نتمايل. فما إعراب المصدر المؤول إذا اعتبرناه كذلك، هل يمكن أن يكون مفعولاً مطلقاً أونائباً عن ظرف الزمان؟
أخي العزيز، معنى "نتهادى" هو الإهداء المتبادل وهو الموافق للمعنى والسياق، أما التمايل في المشي، وهو من معاني "التهادي" فلا يدل عليه السياق هنا، وإلا فما معنى شبه الجملة "من الهوى" على هذا التوجيه؟؟، هل يقصد أن التمايل هو بسبب الهوى؟؟!
فرأيي أن المعنى الأول هو المقصود لدلالة السياق عليه وموافقته للفكرة العامة؛ فالتهادي بين العشاق (الوصال وبث المشاعر) مألوف كثيرا في الشعر العربي.
ومع هذا لا مانع عندي من إجازة المعنى الثاني وإن كان غير مقصود كما لاح لي. وإن جازهذا المعنى: تكون "ما" نائبة عن ظرف زمان، والتقدير: نتمايل قدرَ مشيئتنا، أو مدة مشيئتنا.
3 - وهل يمكن أن تكون"يومَ"مفعولاً به لفعل محذوف تقديره اذكر؟؟ - ولو كان في ذلك تكلف -.
نعم، توجيه جائز.
4 - ألا يمكن أن تكون"ثوبي"بدلاً من ياء المتكلم، أو منصوباً بنزع الخافض؟
الرأي عندي أن الوجهين غير صحيحين لما يلي:
ــ أن الفعل "جاذب" متعد إلى مفعولين، وعليه أن يستكملهما.
ــ أن نزع الخافض موقوف في معظمه على السماع، والمنقاس منه قليل.
ولو كان الفعل "جذب" بدلا من "جاذب" لصح توجيه البدلية؛ فيكون "ثوبي" بدل اشتمال من ياء المتكلم.
ولصح نصب "ثوبي" على نزع الخافض عند من يقيسه ويجيزه مطلقا، وهم قلة.
أما "جاذب" فتتعدى إلى مفعولين بنفسها فلا حاجة إلى خافض قبل أحدهما حتى ينتصب على حذفه.
5 - هل من الممكن أن تكون "أيها" اسماً منصوباً على الاختصاص. كـ
"اللهم اغفر لنا أيتها العصابة" ولو كان الضمير هنا للمخاطب
لا أرى مانعا من ذلك، لأن المخصوص يأتي غالبا بعد ضمير المتكلم، وقد يأتي بعد ضمير المخاطب؛ والمهم أن يكون الضمير ــ متكلما أو مخاطبا ــ في معنى المخصوص، أو جزءًا منه.
ومع ذلك أرجح كون "أيُّ" هنا منادى، مع إجازة الوجه الثاني.
6 - ثم ما معنى زيادة الألف في "جاذبتني"؟
زيادة الألف بعد فاء الفعل الثلاثي المجرد (فاعلَ) تأتي لمعان أشهرها الدلالة على معنى المشاركة، وانظر لمزيد من التفصيل المشاركة رقم 12.
وأضيف إلى أسئلتي سؤالاً عن سبب القلب المكاني لـ"أشياء". فمنعها من الصرف.
علل الصرفيون سبب القلب المكاني في كلمة "أشياء" بأن عدم القول به يترتب عليه المنع من الصرف بدون مقتض.
أما سبب منعها من الصرف، فلأنها على وزن "لفعاء" على أشهر الأقوال، والهمزة فيها للتأنيث.
فأصل "أشياء" هو "شيئاء" والهمزة الثانية للتأنيث، ولذلك لم تنصرف، ثم قدمت الهمزة الأولى وهي لام الكلمة على الشين وهي فاء الكلمة، وذلك كراهة توالي همزتين بينهما ألف وهو حاجز غير حصين؛ فصار وزنها "لفعاء"، فحدث فيها قلب مكاني، وهذا أشهر الأقوال فيها، وهو رأي الخليل وسيبويه.
تُراها (أو: تُراني)، يقال إنه مبني للمجهول ومتعد لثلاثة مفاعيل. فما رأيكم؟
رأيي أنه صحيح. وقد أكدته في أول مشاركة لي في هذا الموضوع، وفي أول هذه المداخلة.
ـ[عبد القادر علي الحمدو]ــــــــ[27 - 03 - 2007, 11:59 م]ـ
السلام عليكم:
سلمت يمينك أيها النحوي البارع، شكر الله لك، وأجزل لك العطاء.
دمت متمكناً.
جزاكم الله جميعاً خير الجزاء.