أتذكر عندما كنت في العمل كان في قسمي موظفان يتأخران كثيرا، الكبير منهما أكبر مني سنا وقد كرهني من أول يوم أصبحت مسؤولة عنه وكان كلما سألته عن سبب التأخير تظاهر بالمرض، وكان يهمل عمله بحجة أنه يحتاج لدورة تدريبية في الخارج، أما الثاني فكان يسبقني ويقول أني مخطئ وأستحق العقوبة، ثم يعمل على إنجاز العمل المتأخر عن طيب نفس.
لما حان وقت التقويم السنوي كتبت للأول: كثير التأخر بسبب مرضه الدائم مما يؤثر سلبا على أدائه، ورغم طول خدمته ما زال يحتاج إلى توجيه وتدريب. أنصح بعرضه على المجلس الطبي العام.
وكتبت للآخر: مهذب وعلاقاته طيبة مع جميع العاملين يؤدي مهام عمله كاملة حتى وإن تأخر في بداية الدوام. أنصح بإلحاقه بدورة تدريبية لتطوير أدائه.
ترى هل كنت ظالمة؟
لو كنت مكانك ربما حاولت معالجة الأول ولو وصل وقت التقويم لم أزد شيئا على ما فعلت إلا توصية بنقله.
أما الآخر فيستحق
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
نفع الله بقلمك الشامخ أستاذ محمد , تعددت الأسباب والتبرير واحد , بوجهة نظري , أصعب ما قد يواجه الإنسان حين يقع فريسة لعقلية التبرير , هي الحماقة , فالبعض لايكتفي بعدم الاعتذار فحسب , بل يتطور الأمر ويتصاعد حتى يصل لحد الإيذاء والكبر , وأذكر أمثلة كثيرة أتعرض لها شخصياً في عملي , حين تواجه أحدهم بخطئه وأن يجب العدول عنه بل والتوبة منه , يُبادر بقول إن تلكم هي الحياة وظروفها فرضت علينا أسلوبها وانظر إلى كل من حولك أكثرهم هكذا يا عزيزي , صراحة أخ محمد أقف عاجزاً لا لأن الأمر من الكوارث فحسب , بل لأنه كيف تُقنع إنساناً بأن الغش والسرقة من المحرمات , فتجده عابثاً مبررا لها بالظروف المعيشية , لا أدري ماذا يكون وصف هذا أليس هذا التبرير حيال هذا العقل , في مراحله المتأخرة؟.
نعم هذا الشخص في أخطر مراحل التبرير
التبرير آفة أصابت مجتمعاتنا، وانسحب ذلك على الجميع حتى الصغار، يخطئ الصغير وعندما تعنفه يقدم تبريرات، لا تستطيع إلا وضعها في باب"العذر الذي هو أقبح من الذنب".
الاعتذار بلسم يعالج كثيرا من الأمراض الاجتماعية.
لكن السؤال هو لماذا كثرت التبريرات؟
أرى أن السبب هو عدم إشاعة ثقافة الاعتذار لدى المجتمع، وعدم الرغبة-أو الجرأة- في الاعتراف بالخطأ.
تعلمنا ونحن صغار أن في الصدق منجاة.
ما الذي نجّى كعبا بن مالك، وجعل قصته قرآنا يتلى، وتوبته موثقة في كتاب الله الكريم غير الصدق؟
إنه الصدق، الذي لا يعرفه اللاجئون إلى التبرير.
سلمت يداك أبا يزن
وسلمت
لله درك يا أبا يزن
شخصت الداء ووصفت الدواء
كم نحن بحاجة لأطباء مثلك، لمتابعة الأمراض التي فتكت
بمجتمعنا وأمتنا الإسلامية ..
{وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين}
...
أذكر مرة، كنت في مركز البريد لأتقاضى راتبي، وصادف أن كان أمامي في الصف شيخ كبير
أساءت الموظفة معاملته ونهرته، فهزني هذا الموقف
ولما جاء دوري حدث أن وقع مشكل بسيط بيني والموظفة (أخطأت معي) فانفجرت غضبا -ومن عادتي أن اكون هادئا-
حيث جعلت ما حدث للشيخ تبريرا لغضبي
ولما صرخت في وجهها
قالت لي في هدوء: اسمح لي يا اخي
وهنا احسست وكأنها سكبت علي ماء باردا أعاد إلي رشدي
فاستسمحتها بدوري
وخرجت خجلا .. ليس لأني أخطأت بل لأني أحسست بالخطأ
*****
تحياتي .. وأعتذر على الإطالة
أزكى تحية
ولتبرير التبرير أيضا عجائب فالمصاب بالتبرير يعلم أن التبرير خطأ فيحاول تبرير تبريره فوجدوا في اصطلاح علم النفس المسمى (الحيل الدفاعية) - وهو تبرير أصلا - مبررا لتبريراتهم خاصة وأن علم النفس يقول أنها لا شعورية تلك الحيل الدفاعية .....
حكى لي صديق قصته مع مديره فقال:
جاءني المدير وقال لي: لديك ثلاثة أيام غياب ولم تقدم لي عذرا إلى الآن لكن لا مشكلة سأمهلك للسبت القادم
وأعطاني - القول لصديقي - وريقة فيها الأيام الثلاثة بتواريخها وقال لي هي متتالية .. وكأنه يقول تدبير أمرها سهل في تقرير طبي واحد .... فقلت له: والله لا أستطيع تدبير عذر فافعل ما عليك فعله وكان بعض الزملاء يسمع فقال أنا أنهي الأمر هات التواريخ ووووو الخ ....
¥