وقال تعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ. أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ. قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ. فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ. قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ. وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ. أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ. إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) الصافات/ 50 – 61.
وروى أحمد في "الزهد" (ص 369) وابن المبارك في "الزهد" (64) وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 312) بسند صحيح عن الشعبي قال: " يشرف أهل الجنة في الجنة على قوم في النار فيقولون: ما لكم في النار؟ وإنما كنا نعمل بما تعلمونا! فيقولون: إنا كنا نعلمكم ولا نعمل به ".
وهذا من تمام نعمة الله على أهل الجنة، حيث يتعرفون على فضل الله العظيم عليهم، وكرامته لهم، بالفوز بالجنة وما فيها من النعيم المقيم، والنجاة من النار وما فيها من العذاب الأليم.
ومن تمام عذاب الكافرين وحسرتهم حيث يرون أهل الجنة يتنعمون، وهم في العذاب مشتركون.
فيقول أهل الجنة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ)
الزمر / 74
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) الطور / 25 - 27
ويقول أهل النار: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الأنعام / 27]
وروى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: " نادى أصحاب الجنة أصحابَ النار أنْ قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ قالوا: نعم. يقول: من الخزي والهوان والعذاب. قال أهل الجنة: فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا من النعيم والكرامة "
"تفسير الطبري" (12/ 446)
وقال ابن عباس أيضا: " السور بين أهل الجنة والنار، فيفتح لأهل الجنة أبواب، فينظرون وهم على السُّرر إلى أهل النار كيف يعذّبون، فيضحكون منهم، ويكون ذلك مما أقرّ الله به أعينهم، كيف ينتقم الله منهم ".
"تفسير الطبري" (24/ 304).
ولتعلم أن هذا لا يورث أهل الجنة حزنا على من كانوا أصدقاء وأقرباء لهم في الدنيا، فكل الوصلات والعلاقات والصداقات تنقطع يوم القيامة، ولا يبقى إلا وصلة التقوى والعمل الصالح. قال الله تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) الزخرف/67.
موقع إسلام سؤال وجواب
الأستاذ الفاضل: معاذ بن إبراهيم / جزاك الله خيرا، فهذه نافذة قيمة ونافعة ومفيدة، رفع الله بها منزلتكم في الدنيا والآخرة / اللهم آمين
ـ[همبريالي]ــــــــ[19 - 08 - 2010, 02:13 ص]ـ
تفسير ابن كثير: يخبر تعالى بما يخاطب به أهل النار على وجه التقريع والتوبيخ إذا استقروا في منازلهم" أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا " " أن " هاهنا مفسرة للقول المحذوف و " قد " للتحقيق أي قالوا لهم " قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم " كما أخبر تعالى في سورة الصافات عن الذي كان له قرين من الكفار" فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين" أي ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا ويقرعه بما صار إليه من العذاب والنكال وكذلك تقرعهم الملائكة يقولون لهم " هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون " وكذلك قرع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتلى القليب يوم بدر فنادى " يا أبا جهل بن هشام ويا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة - وسمى رءوسهم - هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا " وقال عمر يا رسول الله تخاطب
¥