تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واشترط المالكية في العاقدين التمييز، والمميز هو من يفهم الخطاب ويرد الجواب. وبيع المكره والملجئ والمضغوط موقوف على الرضا بعد غياب الإكراه والتلجئة والضغط، ويلحق بذلك في الوقف بيع المحجور عليه، فهذا البيع موقوف على إجازة الولي.

واشترطوا في المعقود عليه أن يكون طاهراً، معلوماً، منتفعاً به، يجوز تملكه، مقدوراً على تسليمه. قال خليل في مختصره: " وشرط عاقده: تمييز، إلا بسكر فتردد، ولزومه تكليف ... وشرط للمعقود عليه طهارة، ... وانتفاع .. ، وعدم نهي، وعدم حرمة ـ ولو لبعضه ـ وجهل بمثمون أو ثمن ولو تفصيلاً "

أقسام البيع من حيث تعجيل الثمن وتأجيله مع زيادة الثمن: وهو ما خصصنا له المبحث الأول:

المبحث الأول: حكم البيع بالآجل مع زيادة الثمن

الأصل في البيع أن يتم تعجيل الثمن والمثمون فيه، لكن قد يعجل الثمن وتؤجل السلعة، وذلك هو السلم، وله أحكامه التي تخصه.

وقد يؤجل العوضان، وهو بيع الدين بالدين، وله أيضا أحكامه، وهذان ليسا من موضوع هذه الورقة.

وقد تعجل السلعة ويؤجل الثمن، وهذا الذي يهمنا هنا، فما معنى تأجيل الثمن وما حكمه؟ هذا ما سنتحدث عنه في هذا المبحث في النقاط التالية:

أولا: تعريف الأجل لغة واصطلاحا:

أجل الرجل على قومه شرا، من باب قتل، جناه عليهم وجلبهم عليهم. يقال من أجله كان كذا، أي بسببه. وأجل الشيء: مدته ووقته الذي يحل فيه، وهو مصدر أجل الشيء أجلا من باب تعب، وأجل أجولا من باب قعد لغة.

وأجلته تأجيلا جعلت له أجلاً، والآجل على فاعل خلاف العاجل، وجمعها آجال.

قال تعالى:} وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا .. {.

واصطلاحاً لا يتعدى معناه اللغوي فهو بمعنى التأخير.

أما البيع إلى أجل فهو ما يشترط فيه تأجيل الثمن، وعكسه منجز الثمن، وهو البيع الذي ينقد فيه الثمن، ويسمى أيضا البيع بالنقد.

ثانيا: حكم البيع إلى أجل:

البيع إلى آجل يتعلق به أحكام متعددة تبعا لكيفية هذا التأجيل، وما يصحبه من زيادة في الثمن لأجل هذا التأجيل. وعدم ذلك؛ وتحديد الأجل وعدم تحديده؛ ولذا سنقسم هذه المسألة إلى النقاط التالية:

1– البيع إلى أجل محدد بنفس الثمن الذي تباع به السلعة في البيع نقدًا، وهذا النوع من البيع لا نعلم خلافاً في جوازه إلا إذا كان هذا الأجل بعيداً جدا.

قال الباجي: " وأما البعيد فكره ابن القاسم البيع إلى أجل بعيد مثل عشرين سنة أو أكثر، ولا يفسخه إلا [في] مثل الثمانين والتسعين ".

قال القباب الفاسي: " والضابط عنده أن كل ما يقطع أنه لا يعيش إليه لا يجوز، وأما الغالب أن يعيش إليه يختلف فيه هل يجوز أم لا؟ ".

2 - أما إذا كان تأجيل الثمن غير محدد، أي بيع سلعة بثمن إلى أجل مجهول، فإن ذلك غير جائز، ويعتبر هذا العقد فاسدا، يسترد فيه البائع سلعته أو قيمتها إذا فاتت.

قال ابن جماعة في مسائله: " لا يجوز أن تقول له: بع لي إلى موت فلان، أو إلى ميسرتي، أو إلى قدوم فلان، أو إلى أن أقتضي ديني من فلان، أو إلى أقدم من سفر لي، أو إلى أن أبيع السلعة ".

والسبب في منع ذلك هو الغرر والمخاطرة، فقد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن بيع الغرر. وهذا يدخل فيه الغرر في الثمن والمثمون والأجل. قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته معددا البيوع الفاسدة: " وكل عقد بيع أو إجارة أو كراء بخطر أو غرر في ثمن أو مثمون أو أجل فلا يجوز ".

وقد ورد النهي عن ما كان يفعله أهل الجاهلية من بيعهم إلى حبل الحبلة. وذلك كله للجهل بالأجل.

ثالثا: أدلة جواز البيع إلى أجل:

والحاصل أن البيع إلى أجل محدد بنفس ثمن البيع النقدي جوازه محل اتفاق بين العلماء للأدلة الكثيرة منها:

قوله تعالى:} وأحل الله البيع وحرم الربا {، فإن البيع مع تأجيل الثمن داخل في عموم الآية.

ومن السنة فعله – صلى الله عليه وسلم – ذلك. فقد توفي – عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.

وحديث بريرة حيث جاءت إلى عائشة فقالت " إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني ... " الحديث. ووجه الدلالة فيه أن فيه بيعاً مؤجل الثمن، ولم يعترض النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك، وإنما اعترض على الشروط التي ليست في كتاب الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير