لاحق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة.
ثالثا– البيوع التي تتم عن طريق المصارف، ولكن دون المصرف الحقيقي هو دفع الثمن كاملاً إلى البائع، على أن يدفع المشتري إلى المصرف ما دفعه إلى البائع إلى أجل تقسيطاً مع زيادة.
هذا النوع من البيع الذي لا تدخل فيه السلعة ملك المصرف باطل، فهو ليس بيعا في الأمر، بل هو قرض بفائدة ربوية، وهو محرم بإجماع المسلمين.
ويمكن أن يعدل حتى يصبح جائزاً شرعاً وذلك بأن يوقع المشتري وعدًا غير ملزم بشراء سلعة معينة من المصرف، وهو لا يمتلكها في الحالة الراهنة، ثم يقوم المصرف بشرائها، وتدخل في ملكه، ثم يبيعها إلى المشتري الذي وعده بالشراء، شريطة أن يكون له الخيار في الانسحاب من هذه الصفقة، ولا يؤثر على هذه الصفقة كون السلعة لم يقبضها المصرف، بل باعها قبل قبضها؛ لأن المالكية يجيزون البيع قبل القبض إلا في الطعام مع تفصيل فيه.
أما العقد بصورته الراهنة فإنه لا يجوز شرعاً.
رابعا: (أ) اشتراط زيادة على الثمن المتفق عليه في البيع بالتقسيط بين البائع والمشتري إذا ما تأخر المشتري في أداء الأقساط.
وهذا العقد غير جائز شرعاً؛ لأنه عين ما كان يجري في الجاهلية من التأخير في الأجل وزيادة في الدين، وهو محرم باتفاق إذ هو ربا نسيئة. وقد نص المجمع الفقهي لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته السادسة على ذلك صراحة في القرار 53/ 2 / 6 في الفقرة الثانية.
(ب) وشبيه بالعقد السابق اشتراط غرامات مالية مترتبة على تأخر المشتري في أداء الأقساط، وهو ما يسمى في عرف القانونين بالشرط الجزائي، وقد بحثت هذه المسألة من قبل فقهاء الشريعة المعاصرين في ندوات وبحوث فردية وجماعية واختلف فيها الباحثون، فذهب أكثرهم إلى جوازه إذا كان المتأخر عملا، وإلى منعه إذا كان المتأخر دينًا. وفي مسألتنا هذه المتأخر دين ولذا لا يجوز الشرط الجزائي فيه، مع احترامنا لرأي الأستاذين الكريمين الشيخ مصطفى الزرقا والدكتور الصديق الضرير.
خامسا – اشتراط المشتري على البائع غرامة مالية (أي شرطاً جزائيا) عند إخلاله بموعد تسليم المبيع أو الإخلال ببعض مواصفاته.
وهذا النوع من العقود الذي ذكرنا الخلاف فيه في الفقرة السابقة، وقلنا إن أكثر العلماء المعاصرين على جوازه؛ لأن هذه الغرامة لا تقابل تأخير دين، وإنما تقابل تأخير عمل.
استدل الذين جوزوا الشرط الجزائي على تأخير الأعمال، أو الإخلال بمواصفاتها أو ما شابه ذلك، استدلوا بما أخرجه البخاري عن ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه.
وبناء على ذلك واستئناسا برأي كثير من العلماء المعاصرين فإني أرى جواز الشرط الجزائي المترتب على غير الديون؛ ولذا لا حرج على المسلم سواء كان من سكان أوربا أو غيرها – من الدخول في مثل هذا العقد، والله أعلم وأحكم.
سادسا – من المشاكل الموجودة التي تواجه المسلم في أوربا أن البيع بأجل يكلفه من الثمن أكثر من ما يكفله القرض الربوي.
كما أن نقل الملكية المتأخر حتى تؤدى الأقساط، يكلف المشتري إذا أراد بيع هذا المبيع دفع ضرائب قد تصل إلى ربع ثمن المبيع أو تفوقه، بعكس السلعة المشتراة بقرض ربوي؛ إذ قد تسقط الضريبة عن هذا الأخير.
أقول: هاتان المشكلتان لا تسوغان أخذ القرض الربوي، وعلى المسلم أن يصبر على بعض الشدائد الناتجة عن تتبع الحلال، فالمعروف أن الحرام طرقه سهلة لا مشقة فيها، وأن الحلال طرقه فيها بعض الصعوبة، فالجنة محفوفة بالمكاره وحفت النار بالشهوات.
سابعا – تشابه بعض صور البيع بالآجل بالإجارة المنتهية بالتمليك:
قد تختلط بعض صور اللزيننق ( LEASING) بالإجارة المنتهية بالتمليك لتشابهها، فلابد من بيان الفرق بينهما:
الإجارة المنتهية بالتمليك من العقود المستجدة، وقد اختلف الناس في تعريفها، كما اختلفوا في حكمها.
أما في الحكم، فمنهم المانع، ومنهم المجيز على الإطلاق، ومنهم المجيز بقيود. وأما في الصورة ـ وهو الذي يهمنا هنا ـ فلها تصورات مختلفة، المشهور منها:
¥