[ترجمة شيخنا المقرئ الشيخ محمد بن الشريف السحابي]
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[25 - 10 - 10, 01:48 ص]ـ
نبذة عن حياة الشيخ:
أبي معاذ محمد بن الشريف السحابي
ولادته ونشأته:
هو الشيخ المقرئ الفقيه الداعية أبو معاذ محمد بن الشريف السحابي العبيدي الزعري، ولد حفظه الله بقرية عين الريبعة من قبيلة بني عبيد زعير ضواحي مدينةالرباط عام 1370هـ - 1949 م، وبها نشأ وترعرع، دخل الكتّاب القرآني في سن مبكرة، وتعلم الهجاء والكتابة على يد الفقيه محمد سنجاي، وحفظ عليه بعض القرآن، ثم أتم حفظه على الفقيه محمد الغماري والفقيه محمد التسولي والفقيه علي الشيظمي، وكلهم شهدوا له بالحفظ التام بعد اختباره في حفل أقيم له بمناسبة ختمه لحفظ القرءان الكريم، وهو ما يسمى عند المغاربة بـ ” لفْصَال“ أي:عرس القرءان، على عادتهم في الاحتفاء بكل من يحفظ القرءان الكريم. ولما يتجاوز عمره آنذاك الثالثة عشر ربيعا.
رحلته وطلبه للعلم:
وفي هذا السن المبكر عزم الشيخ على الرحلة في طلب العلم متوجها إلى شمال المغرب صوب قبيلة بني مستارة بناحية مدينة وزان، للأخذ عن علمائها، فأعاد ختمة أخرى للقرءان الكريم برواية ورش على يد أحد الشيوخ بتلك المنطقة، والذي شجعه على حفظ ما يصطلح على تسميته بالأصول، وهي متون علمية يتعين على الطالب حفظها مباشرة بعد أن يكون قد أنهى حفظ القرءان كاملا، إذ تعتبر هذه المتون مدخلا أساسيا لكثير من فنون العلم التي لابد لطالب العلم من معرفتها خصوصا وهو في بداية الطلب.
ومكث الشيخ هناك مابين سنتي 1963 - 1965 فحفظ متن الآجرومية وألفية ابن مالك والمرشد المعين لابن عاشر في الفقه المالكي،والبردة،والهمزية، كل ذلك باللوح، ثم عاد بعدها إلى قبيلته فأُسند إليه تحفيظ أبنائها القرءان وهو دون العشرين من عمره.
وحدث مرة أن سمع الشيخ أحد الحفاظ يقرأ ببعض الروايات، ولم يكن الشيخ يعلم شيئا عنها، فأثار ذلك انتباهه، فأخبر بأنها قراءة من القراءات المتواترة الصحيحة، فأخذ على نفسه أن يحفظ القراءات؛ ومنذ ذلك الحين عكف الشيخ على حفظها مع متن الشاطبية، ولم يمنعه إقباله على هذا العلم من استمراره في تدريس أبناء القبيلة، فاستطاع أن يوفق بين الأخذ والعطاء في آن واحد.
لكن هذه الظروف لم تدم طويلا بسبب وفاة شيخه الذي كان يأخذ عنه القراءات، فاضطر لأن يغادر ثانية مسقط رأسه ويشد الرحال إلى مدرسة سيدي الزوين الواقعة قرب مدينة مراكش، وهي مدرسة مشهورة بتخصصها في القراءات العشر الكبرى والصغرى) العَشَريْن (على صعيد المغرب كله، ومكث فيها يأخذ عن علمائها وشيوخها طيلة أربع سنوات، ما بين 1970م1974.
وخلال هذه الفترة تكونت لدى الشيخ ملكة قوية في الحفظ مكنته من المشاركة في مباراة نظمتهما وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في حفظ القراءات لنيل جائزة الحسن الثاني بمناسبة عيد العرش سنة 1971م فحاز على الرتبة الأولى في القراءات السبع، وفي سنة 1972م حفظ موطأ الإمام مالك ونال به جائزة الحسن الثاني أيضا حيث استظهره كاملا أمام لجنة علمية مكونة من الفقهاء: عبد الرحمن، والفقيه أحمد الصديقي ابني الحافظ أبي شعيب الدكالي والشيخ مولاي مصطفى العلوي، والعلامة محمد الطنجي، والأستاذ قدور الورطاسي. وكان هذا مثار إعجاب هؤلاء الشيوخ والمسؤولين بالوزارة بقوة ذاكرته وبراعة حفظه وسرعة بديهته، فقرروا ترشيحه لمتابعة الدراسة بالعاصمة الرباط مع تحمل نفقات إقامته ودراسته.
وجد الشيخ في هذه المبادرة فرصة العمر التي كان يتمناها، وفعلا انتقل إلى مدينة الرباط والتحق بدار القرءان التابعة لرابطة المجودين بالمغرب، وبمعهد التكوين الديني بمسجد السنة، وانتسب لدار الحديث الحسنية، وكان بين الفينة والأخرى يتردد على مدرسة سيدي الزوين لإتمام القراءات العشر الكبرى والصغرى،
فانكب بشغف على الدراسة والتحصيل ليل نهار بجد واجتهاد دون كلل ولا ملل.
ثم أخذ الشيخ يتردد على هذه المؤسسات العلمية بانتظام ينهل من معارفها ويستفيد من كل ما يسمعه ويتلقاه بها من العلوم على عدد من الشيوخ والأساتذة الأفاضل الذين كان لهم الأثر الطيب والحسن في تكوين شخصيته وتهذيب سلوكه.
¥