حتى لا ننسى الشّيخ الفقيه محمّد بن حمود الوائلي.
ـ[آل شطارة الجزائري]ــــــــ[13 - 10 - 10, 11:27 ص]ـ
الحمد لله ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على أشرف الأنبياء و المرسلين و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
فمن منة الله تعالى على أهل الأرض أن بعث إليهم رسول الهدى و نبي الرحمة محمد بن عبد الله صلوات الله و سلامه عليه الذي قال فيه سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) فأخرج الناس من ظلمات الشرك و رق الجهل إلى نور التوحيد وحرية العلم فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فورث أصحابه عليهم رضوان الله تعالى هذا الميراث النبوي و بلغوه على وجه التمام ونصحوا الأمة من بعده فكانوا خير خلف له عليه الصلاة والسلام؛ ولا يزال أهل العلم يتوارثونه كابرا عن كابر جيلا بعد جيل مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم ".وإن العلماء ورثة الأنبياء ... "
ولقد وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا الميراث، فأخرج الإمام أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" ... وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" فالميراث هو العلم النافع المستمد من الكتاب و السنة الصحيحة على فهم السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
ولا يزال المسجد النبوي يشع من زمن النبوة بنور العلم والإيمان، فهو مصرح الطلاب ومرتع العباد، يتقلب الناس فيه بين العلم والعمل، ولا يزال علماء الأمة يصدعون بالحق، نصحا للأمة وشفقة عليهم، فكان هذا الصرح الشامخ الذي أرسى قواعده وثبت منهجه النبي صلى الله عليه وسلم مدرسة حافلة بأنواع العلوم ومختلف صنوف المعارف.
ومن بين من قام بهذا الأمر حق القيام وبذل جهده، وأفرغ وسعه، وقام لله تعالى بما يستطيع، وستشهد له سواري المسجد النبوي – إن شاء الله تعالى- فضيلة الشيخ الفقيه العالم محمد بن حمود الوائلي رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى.
وأول لقائي مع الشيخ رحمه الله تعالى كان في شهر شوال من عام ثمان وعشرين وأربعمائة وألف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ضمن دروسه الأسبوعية التي يلقيها بالمسجد النبوي في كتاب الإمام المبجل ابن قدامة المقدسي الموسوم بالكافي على فقه الإمام الهمام أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين.
كان أول درس حضرته بعد الإجازة الصيفية و الرمضانية من كتاب الشفعة وتحديدا من فصل: فإن اختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن ....
لقد تعجبت غاية العجب من قوة الشيخ وفقهه وتعليقه على المسائل وسرد الأقوال بل كان جلوسي هذا أول مجلس عند عالم بأتم معنى الكلمة، وسررت وأنا بين يدي عالم وفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرجاء الذي كنت أطلبه منذ أن ذقت حلاوة الإيمان، وعرفت طريق العلم.
بعدما أتم الشيخ الدرس وقد خرجت منه بتعليقات من ذهب هرعت أنا وأخي عبد الكريم جباري لشراء كتاب الكافي والعزم على مواظبة الدروس التي والله قد تركت فيّ أثرا بالغا، رأيت في شخص الشيخ الرجل الناصح الشفيق على الأمة الحريص على النفع الجامع بين العلم والخُلق، ولا ينكر أي أحد ممن جلس مجلسه أو سمع دروسه كيف جمع الله له بين العلم والوعظ، ورُبَّ موضوع خاض الشيخ فيه قد ربطه بأمر العقيدة وذكّر فيه بأمور الآخرة وزانه بالفوائد وحلاه بأبيات من الشعر ونمقه بمثال من أمثلة العرب، حتى يصير الدرس مجمعا لمختلف أصناف الفوائد من شتى الفنون؛ وكان الشيخ يُسوِّغ فعله هذا دائما بقوله: "حتى أعطي كل الناس حقهم من الفائدة لأن هناك من تَصْعب عليه المسائل الفقهية وتسهل عليه مسائل أخرى فلا يخرج الحاضرون إلا وقد أخذ كل واحد فائدة على حسب مستواه العلمي".
وهذا والله هي الربانية حقا في التعليم الدالة على عمق فقه الشيخ ومعرفته لأصناف الناس.
اسمه ونسبه ونِسبته
هو الشيخ الفقيه العالم النحرير الذي جمع الله له بين الأدب والوعظ والتأصيل، الأستاذ الدكتور أبو خالد محمد بن حمود بن عبد الرحمن الوائلي المدرس بالمسجد النبوي واحد أعلام الجامعة الإسلامية رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنته.
¥