[ومضات من حياة الشيخ العلامة اللوذع الفهامة الأخضري أبو عبد الرحمن]
ـ[أبو أويس التلمساني]ــــــــ[29 - 09 - 10, 07:46 م]ـ
شيخ وهران الجزائرية الأخضري
جمال المعاند -إسبانيا
[email protected] ([email protected])
- المقاصد الشرعية مرمىً بعيد المنال، وحمىً لا يقحمه إلا النوابغ من العلماء، فهي تتطلب استعدداً فطرياً يهبه المولى سبحانه لمن شاء من العلماء الذين ينقبون عن تحقيق المناط، بعدما تمرسوا في ميادين الفقه وأصوله وخاضوا بحوره بمهارات عدة كعلوم اللغة، والحديث، ..... الخ.
هذا المجال الحيوي هو نوع من المقاربات تعتلي صهوة غلبة الظن، ذلكم المركب غير الذلول، لمن تطلع إلى أبعد من أطراف المألوف وحدود المشهور، فعليه العمل على إدراك العلة واستقراء المقصد، ليجتاز مجالات القطعيات، ويدلف إلى مفازات الظنون، وكل ذلك لا يتأتى لعالمٍ حتى يغرق مراراً بعرق جهوده، كلما مسه طائف من أوضار التعب، ودعاه ليخلد للتقليد، لاح له برق أمل في خدمة الشرع، فيتحامل على نفسه، ويغضي عن الآمه ويستأنف المسير.
والحقيقة التي أقرتها كتب التراث تقول: ما من عالم دخل مضمار المقاصد، إلا وعدت بعض أقواله مرجعاً للفتيا، كما ينظر إلى أي جهد يبذله على أنه إضافة منهجية لطرق الاستنباط، وليس أدل على ذلك ممن يقرء في أي مرجع من مراجعنا، ولا يصادفه قولاً للإمام الشاطبي أو ابن عاشور ... ، - رحمهما الله -.
وفي عصرنا الراهن تتبدى حاجتنا لعلماء المقاصد أشد، بعدما حَجب نور شريعتنا الغراء، دخان تلوث بيئتنا بأفكار العلمانية والشيوعية والقومية ... .
ومن سوى سادتنا علماء المقاصد يعيدون الأمور لنصابها؟.
ويثبتون بالحجة الدامغة أن شرع الله عزوجل، صالح لكل زمان ومكان وإنسان.
وبعيداً عن التنظير، ومن بلد أهلها شم الأنوف من الطراز الأول، من الجزائر، التي تعرضت لمكر تنوء به الجبال، حيث اجتمع الطمع والخبث، للمس في عرض شعب مسلم في أعز ما يملك ألا وهو دينه، فأجلبت عليهم فرنسة بخيلها ودهائها المستمد من حقد تراكمي صليبي، وطبع نفعي تأمري، في غفلة من المسلمين، ولمدة ربت على المئة والثلاثين عاماً، محاولةً نسخ تجربة جارتها إسبانية فيما اجترحت على أرض أمريكة الجنوبية، والتي استطاعت أن تسلخ تلك الشعوب، من لغاتهم ومعتقداتهم، بل حتى من عاداتهم.
فرد الله فرنسة بغيظها، وخرجت من الجزائر تجر أذيال الخيبة، فما حصلت إلا على بقايا كلمات من لغتها البائسة في دارج منطوقهم.
بيد أن تلك المقاومة، هي من بعد فضل المولى سبحانه، من جهود علماء الأمة، وبما أننا في صدد عرضٍ لمنبت عالم، فإن الكلام عن منطقة بعينها، هي الغرب الجزائري، وممن حمد لهم دورهم فيها أنذاك، العلامة المحقق المهدي أبو العبدلي رحمه الله، وكذلك العالم الفاضل تلميذ العالم المقاصدي ابن عاشور، الشيخ الثبت الأطرش السنوسي الوهراني رحمه الله، وغيرهم.
في هذه البيئة ولد الشيخ أبو عبد الرحمن الأخضر الأخضري- حفظه الله وأمتع به -، أتم تعليمه المدرسي والجامعي في الغرب الجزائري، وتخصص بالقانون، ولا أريد سوق ترجمة كاملة تكون أشبه بسيرة ذاتية، وإنما وقفة سريعة مع تميزه اللافت للنظر.
وبعد انتهاء الشيخ من مرحلة التعليم الجامعي، بدا للشيخ الأخضري أن يمم وجه شطر الأرض المباركة، التي وصفها النبي عليه الصلاة والسلام بأنها منارة العلم الشرعي، فدخل دمشق وجامعتها، وزوايا مساجدها، ليطلب العلم من شيوخها، و لفترة تجاوزت العقد والنصف من الزمان، فيلتقي خلالها بخمسين عالماً من علمائها، منهم الشيخ العلامة الأصولي مصطفى البغا، والشيخ المحدث نور الدين العتر، والفقيه الحنفي محمد أديب كلاس، وشيخ الفقه المقارن العلامة وهبه الزحيلي .... ،.
¥