تَرْجَمَةُ الشّيخِ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الصّومَالِيِّ رَحِمَهُ اللهُ
ـ[عبد العزيز كرعد الصومالي]ــــــــ[21 - 09 - 10, 12:57 م]ـ
سم الله الرحمن الرحيم
تَرْجَمَةُ الشّيخِ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الصّومَالِيِّ
-رَحِمَهُ اللهُ-
الحمد لله وحده، والصلاةُ والسَّلامُ على خيرِ خلْقِه، محمدٍ وآلِه وصحبِه، وبعدُ:
فإن فضيلةَ الشيخ محمد عبد الله الصُّومالي -رحمه الله- المدرس بالمسجد الحرام، وبدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة؛ عالِم جليل، ومُحدِّث ضليع، حضرتُ دروسَه في المسجد الحرام أوائل سني الطلب في "صحيح البخاري" وغيره في عام (1397 - 1398هـ)، و استفدتُ من علمه، وحسن أدبه وخلقه؛ فقد كان -رحمه الله- متمكنًا في علم الحديث ومصطلحه، وله في علم الرجال والأسانيد -على وجه الخصوص- قدم راسخة، وباع طويل، مع مشاركة حسنة في سائر العلوم الشرعية والعربية، وقد نفع الله -تعالى- بتدريسه في المسجد الحرام وبدار الحديث، وتخرج عليه طلاب علم كثيرون من أنحاء العالم الإسلامي، وكان -رحمه الله- على جانب كبير من الصلاح والتقوى مع تواضع ودماثة خلق، وزهد وورع وإعراض عن الدنيا، وعدم انشغال بغير العلم الشرعي، والعبادة والطاعة، حتى لقي وجه ربه -تغمده الله-تعالى-بواسع [رحمته] ورضوانه، وتقبله في عباده الصالحين، وأنزله منازل الأبرار في عليين؛ إنه -تعالى- سميعٌ مجيب-.
وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وآله وصحبه.
قاله الشيخُ عمر بن محمد السُّبيِّل إمام المسجد الحرام.
—مَوطِنُهُ وَنَشأَتُهُ:
الشيخ المحدِّث محمد بن عبد الله بن أحمد الصُّومالي يمتد نسبه إلى قبيلة (أمادن أغادين) في الصومال الغربي المحتلة من قبل الحبشة.
ولد الشيخ محمد بن عبد الله الصومالي في بداية هذا القرن الميلادي -في العاشر، أو قريبًا منه-؛ لأن الشيخ قد رأى المجاهِد الصومالي المعروف بسيد محمد عبد الله وهو يعقل، وقد توفي السيد محمد في (1919م).
—رِحْلَتُهُ لِلعِلمِ:
طلب العلم من صغره -وهو في السابعة، أو في الثامنة من عمره-، وبدأ حفظ القرآن، وقرأ على الشيخ حسن، ثم قرأ كتاب "سفينة [النجاة] " في فقه الشافعي على الشيخ عبد الرحمن عول، ثم قرأ على الشيخ حاج علي تمعسي في "المنهاج" في فقه الشافعي، ثم قرأ بعده على الشيخ محمد نور حرسي في النحو "متن الآجرومية"، ثم "شرحها" للعشماوي، ثم "ملحة الإعراب"، ثم "لامية الأفعال" في الصرف والمنهاج.
وبعد أن أتم الشيخ الدراسة على علماء بلده آثر الرحلة في طلب العلم اقتداءً بسلفهِ الصالح، وكانت رحلته الأولى إلى الحبشة في منطقة (جكجكا) ومنطقة (فافن) في مسيرة عشرة أيام من بلده، وكان آنذاك في العشرين من عمره، ودرس "نظم العمريطي" على الشيخ محمد معلم حسين، ودرس "لامية الأفعال" و"ملحة الإعراب" على الشيخ عبد النور، و"قطر الندى" و"ألفية ابن مالك" على الشيخ أروبو، ثم قرأ علم البيان على الشيخ علي جوهر، ثم على الشيخ حسن ابن الشيخ حسن، ودامت رحلته إلى الحبشة حوالي عامين.
وأثناء رحلته؛ مرض الشيخ مرضًا شديدًا بسبب اختلاف الأغذية بين الصومال والحبشة، ومرَّضته عمتُه، و عندما تماثل للشفاء عزم على الرحلة، وأعطته عمتُه ثورًا؛ فباعه وواصل رحلته إلى جيبوتي؛ فقرأ على الشيخ علي جوهر كتاب "سفينة النجاة" ولم يكمله، ولم تَطل إقامته أكثر من شهرين، فركب البحر صوب اليمن، فلعب بهم الموج حتى [يئسوا] من الحياة حتى حلف الشيخ ألا يركب البحر، فوصلوا إلى (زبيد) في اليمن، فمكثوا فيها ثلاثة أشهر، فقرأ فيها كتاب "السفينة" في فقه الشافعية، ثم سافر إلى بلاد (قطيع) فجلسوا هناك شهرًا يستمعون "المنهاج" في فقه الشافعية عند الشيخ يحيى مفتي بلاد (قطيع)، ثم انتقلوا إلى صنعاء؛ فكانت دراستهم في العلوم العربية؛ فقرؤوا "قواعد الإعراب" و"قطر الندى" و"الجوهر المكنون"، و""الألفية"، و"الأشموني"، ورفضوا مذهبهم (الزيدي)، وقالوا لهم: نحن شافعيون، فلم يلزموهم بقراءة مذهبهم، ثم نصحه أحد المشائخ -وهو الأستاذ يحيى العيسى- بقراءة علم الحديث.
فبدأ الشيخ محمد حفظ "بلوغ المرام" وحفظ منه خمسمائة حديثًا، ثم بدأ بقراءة كتاب "سبل السلام" على أحد المشائخ المشهورين، وكان من شيوخه في العربية في اليمن الشيخ لطفي والشيخ علي فضة، والشيخ الكبسي.
¥