وليس لقائل أن يقول أن هذا النوع من النظر في القياس العقلي بدعة هذا لم يكن في الصدر الأول فإن النظر أيضاً في القياس الفقهي وأنواعه هو شيء استنبط بعد الصدر الأول وليس يرى أنه بدعة .. فكذلك يجب أن يعتقد في النظر في القياس العقلي _ ولهذا سبب ليس هذا موضع ذكره _ بل أكثر أصحاب هذه الملة مثبتون القياس العقلي إلا طائفة من الحشوية قليلة وهم محجوجون بالنصوص ...
ومن حيث الاستفادة من جهود القدماء فإنه يقول:
((عن كتاب فصل المقال -1 - )) (وإذا كان هذا هكذا .. فقد يجب علينا إنا ألفينا لمن تقدمنا من الأمم السالفة نظراً في الموجودات واعتباراً لها بحسب ما اقتضته شرائط البرهان ... ان ننظر في الذي قالوه من ذلك وما أثبتوه في كتبهم فما كان منها موافقاً للحق قبلناه منهم وسررنا به وشكرناهم عليه .... وما كان منها غير موافق للحق نبهناهم عليه وحذرنا منه وعذرناهم)) .. ((فقد تبين من هذا أن النظر في كتب القدماء واجب بالشرع)) .. إذا كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه وإن من نهى عن النظر فيها من كان أهلاً للنظر فيها؟؟!! وهو الذي جمع أمرين أحدكما ذكاء الفطرة والثاني العدالة الشرعية والفضيلة العلمية والخلقية فقد صد الناس عن الباب الذي دعا الشارع منه الناس إلى معرفة الله وهو باب النظر المؤدي إلى معرفته حق المعرفة ... وذلك غاية الجهل والبعد عن الله ...
5 - ويقول أخيراً في التوفيق بين الحكمة والشريعة:
((الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له .. )) ((فصل المقال -1 - ))
وإذ تقرر هذا كله .. وكنا نعتقد معشر المسلمين أن شريعتنا هذه الإلهية حق ...
((-1 - وأنها التي نبهت على السعادة ودعت إليها ... والتي هي المعرفة بالله عز وجل وبمخلوقاته ...
وأن ذلك متقرر عند كل مسلم من الطريق الذي اقتضته جبلته وطبيعته من التصديق: وذلك أن طباع الناس متفاضلة في التصديق ... فمنهم من يصدق بالبرهان ومنهم من يصدق بالأقاويل الجدلية تصديق صاحب البرهان بالبرهان إذ ليس في طباعه أكثر من ذلك ... ومهم من يصدق بالأقاويل الخطابية كتصديق صاحب البرهان بالأقاويل البرهانية)) ..
وذلك أنه لما كانت شريعتنا – الإلهية – قد دعت الناس من هذه الطرق الثلاث عم التصديق بها كل إنسان إلا من يهجوها عناداً بلسانه أو لم تتقرر عنده طرق الدعاء فيها إلى الله تعالى لإغفال ذلك من نفسه ولذلك خُص عليه بالبعث إلى الأحمر والأسود أعني لتضمن شريعته طرق الدعاء إلى الله تعالى ... وذلك صريح في قوله تعالى ادعُ غلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) ...
وإذا كانت هذه الشريعة حقاً وداعية إلى النظر المؤدي إلى المعرفة الحق .. يقول: ((فإنا معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى مخالفت ماورد به الشرع:
فإن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له ..
6 - خاتمة في أهمية عمل ابن رشد الفلسفي في هذه المسألة:
لقد انفرد ابن رشد في الجانب السياسي في معالجته للعلاقة بين الدين والفلسفة ... ولم ينتبه إليه أحد من المهتمين بالفكر الرشدي .. من مستشرقين وعرب وغيرهم: ونقصد بذلك كون فيلسوف قرطبة يعالج قضية العلاقة بين الدين والفلسفة من منظور خاص يركز على مسألة ((العلاقة بين الدين والمجتمع))
وذلك هو الإطار الذي يجب أن يفهم فيه إلحاحه على التمييز بين – الجمهور – والعلماء – وعلى ضرورة أخذ الجمهور بما يقيده ظاهر النصوص وبالتالي ضرورة تجنب إفشاء التأويل لهم وذلك في الحقيقة هو المقصد العمق من تأليفه كتاب (فصل المقال) ...
وإن ابن رشد يقرر توافق وعدم تعارض التشريع مع الحكمة ويقرر بقوة أن التعارض هو بين كل من الفلسفة وظاهر الشرع وبين تأويلات المتكلمين ((الذين أوقعوا الناس في شنآن وتباغض وحروب ومزقوا الشرع وفرقوا الناس)) ..
.... أما الفلسفة والشريعة فهما أختان - لا بالنسب – بل بالرضاعة وترضعان من منبع واحد وهو الحق ... والحق كما يقال: لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له ...
وتسعيان نحو غرض واحد هو الفضيلة))
تم بعون الله 2\ 4\2009
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[07 - 02 - 10, 02:20 ص]ـ
.... أما الفلسفة والشريعة فهما أختان - لا بالنسب – بل بالرضاعة وترضعان من منبع واحد وهو الحق ... والحق كما يقال: لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له ...
وتسعيان نحو غرض واحد هو الفضيلة)) 9
أشهد أن هذه حماقة ورب الكعبة.
تساؤل أورده بعض المستشرقين:
لماذا لم يتكلف ابن رشد أن يكتب شيئًا في كيفية النهوض بالأمة من سباتها، في عصره مع كونه عاش في عصر تكالبت علي الأمة قوى المشركين من الصليبيين وغيرهم ..... ؟ أم أن هذا الأمر لا يعنيه؟؟ ولمَ لم يفعل فعل ابن تيمية مع التتار مثلًا؟
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[07 - 02 - 10, 02:26 ص]ـ
ابن تيمية بشر يخطيء ويصيب ايضا
¥