أمن آل نعم أنت غادٍ فمبكرُ ... غداةَ غدٍ أم رائحٌ فمهجِّرُ
فأنشده ابن أبي ربيعة القصيدة إلى آخرها، وهي قريبة من سبعين بيتًا، ثم إنَّ ابنَ عباس أعاد القصيدة جميعها، وكان حفظها بمرة واحدة). انظر تفسير البغوي لآخر سورة الشعراء , وأخرجَ عنهُ ابنُ سعدٍ والبلاذريُّ والقرطبي في مقدمة التفسير: أنَّهُ كانَ كثيراً ما يُسألُ عن معنى الآيةِ فيقولُ رضي الله عنهُ: (هو كذا وكذا أما سمعتم الشاعر يقول كذا وكذا).
5 - والإمامُ الجبلُ الجهبذ طاووس بنُ كيسانَ كانَ من حرصِهِ على العلمِ يعُدُّ حروفَ الحديثِ الذي يُحدِّثُ النَّاسَ بهِ , ولاشكَّ أنَّهُ يفعلُ ذلكَ تديُّناً لا هزلاً وإن كانَ عدُّ حروفِ القرآنِ فضلاً عن السنَّةِ لا يراهُ كثيرونَ ذا بالٍ. (انظر السير5/ 46)
6 - الإمامُ البخاريُّ رحمهُ الله حفظَ كُتُبَ ابنِ المباركِ ووكيعٍ وهو دونَ السادسَةَ عشرةَ من عُمره. (تاريخ بغداد2/ 7 , وتهذيب الكمال3/ 1170) , وكانَ رحمهُ اللهُ يعتني بشحن حافظته ويملأها بكثيرٍ من المحفوظات التي قد يراها بعضنا اليوم عبثاً كحفظه لقصصِ التأريخِ وحكاياته ورجالاته حتى قال عن نفسهِ وهو يتحدثُ عن التاريخ الذي صنَّفهُ بإملاء حافظته في الليالي المقمرة بجانب روضةِ الجنَّةِ بالمدينة: ((وقَلَّ اسمٌ في التَّاريخِ إلاَّ ولهُ عندي قصَّةٌ إلاَّ أنِّي كرهتُ أن يَطُولَ الكِتابُ)) , انظر: تاريخ بغداد2/ 7, وتذكرة الحفاظ2/ 122.
7 - وكانَ الإمامُ ابنُ المديني رحمه الله تعالى يشغَلُ حافظَتهُ ويستودِعُها تواريخَ السَّماعِ من شيوخهِ ولا يعُدُّ ذلكَ مهزلةً مع أنَّهُ لا يغني في صحةِ الأخبارِ شيئاً فيقول عن نفسه رحمه الله وسماعه من حفصِ بن غياثٍ رحمه الله (سمعتُ هذا من حفصٍ سنةَ سبعٍ وثمانينَ ومائةٍ). (انظر: الكفاية 115).
8 - وطالعَ القاضي عياضُ رحمه الله تعالى كتابَ مقاماتِ الحريريِّ في ليلةٍ ولم يرها منقصةً إذ أمضاها في حفظِ المقامات.! انظر (جهود القاضي عياض للبشير الترابي 119).
9 - المُفَسِّرُ الحافظُ ابنُ كثير رحمهُ اللهُ كانَ يحفظُ التنبيهَ للشيرازي ومُختصَرَ ابنِ الحاجبِ (البداية والنِّهاية 14/ 107) , ويقولُ عنهُ الحافظُ العراقي وقد سُئلَ عن أربعة رجالٍ أيهم أحفظُ (وأحفَظُهم للمتونِ والتَّواريخِ ابنُ كثيرٍ). (طبقات الحفاظ للسيوطي 533).
10 - الإمامُ الدَّارقطنيُّ رحمه الله تعالى كان يُملي كتابَ العللِ من حفظهِ وعجب لذلك أكابر حُفَّاظِ الدنيا كالذهبيِّ (السير 10/ 523).
11 - قَالَ يحيَ ابنُ مجاهدٍ رحمه اللهُ: كنتُ آخُذُ من كُلِّ علمٍ طَرفاً فإنَّ سماعَ الإنسانِ قوماً يتحدَّثونَ وهُو لا يدري ما يقولونَ غُمَّةٌ عظيمة (رسائل ابن حزم مراتب العلوم 72).
12 - الإمامُ ابنُ مالكٍ صاحبُ الألفيَّةِ حفظَ خمسةَ شواهدٍ يومَ وفاتهِ مع أنَّهُ إمامٌ في القرآنِ وعالمٌ بالقراءاتِ (الفَلاكَةُ والمفلوكونَ للدَّلجي 69).
وهذا الكتابُ نفيسٌ جداً وفيه من أخبار الأئمَّةِ وأحوالهم سلوةٌ لطلبة العلمِ الذينَ يُزدَرَوْنَ لإملاقهم ولأنَّ واحدهمْ لا يجدُ جديدَ الرياشِ ولا يتكئُ على وثير الفِراش - وغيرهِ من حملة العلمِ الذينَ تقَلَّصت عنهم دنياهم ولم يحظوا منها بطائلٍ.
13 - الإمامُ أبو بكرٍ ابنُ الأنباريِّ -إمامُ الوقف والابتداء والقراءات والعربية -رحمه اللهُ كانَ يحفظُ كلَّ أسبوعٍ عشرة آلاف ورقة. (الفَلاكَةُ والمفلوكونَ للدَّلجي 131).
14 - محمَّدُ بن عبد الواحد الزاهد (غلامُ ثعلبَ) كانَ أغلبُ تصانيفهِ من حفظِهِ حتَّى أنَّهُ أملى في اللغةِ ثلاثينَ ألفَ ورقةٍ. (الفَلاكَةُ والمفلوكونَ للدَّلجي 100).
15 - لِسانُ الدينِ ابن الخطيب الغرناطيُّ رحمه الله حينَ وصَفَ الإمامَ البلنسيَّ صاحبَ مبهماتِ القرآنِ قال عنهُ (مُكبٌّ على العلمِ , حَريصٌ عَلَى استِفادَتِهِ , قائمٌ على العَرَبيَّةِ والبَيَانِ , ذاكرٌ الكثيرَ من المَسائلِ , حَافظٌ مُتقنٌ .. ) انظر الإحاطة لابن الخطيب 3/ 38.
16 - إنَّ من العُلومِ المُستغلقَةِ على المهوِّنينَ من قضيَّةِ حفظ المتونِ علمَ القراءاتِ فهم أبصرُ بالسَّاعة أيَّانَ مُرساها منهم بهِ.!!
¥