تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأبدأ ذلك بهذا التقرير الجميل الذي سطره الأستاذ الشيخ هشام الكدش نفع الله به في موضوعه نقد طبعة دار الوطن لكتاب الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31927)

حيثُ قال وفقه الله ونفع به:

إن تقويم نصٍ مطبوع عن أصل مخطوط يحتاج إلى توفر هذا الأصل المخطوط أو صورته، فقد يكون مطبوعاً عن نسخة رديئة غير معارضة، والكتاب إذا نسخ ولم يعارض، ثم نسخ ولم يعارض خرج أعجمياً، وفي هذه الحالة مهما بذل المحقق من جهد لتصحيح النص؛ فإنه تفوته أشياء، مع معاناته لمجهود غير مرئي، فعند ذلك يكون النقد فيه تحامل على المحقق، ويخلو من الإنصاف، خاصة وأن الكتاب شرح يندر فيه النقل عمن سلف.

وهذا تقرير في غاية الأهمية، وهو دالٌّ على براعة كاتبه في مثل هذه الأمور.

وهو مما لا يلتفت إليه أكثر الذين يتصدُّون لمسائل نقد الأعمال وتقويمها، وأغلب المحاكمات الجارية لا تأتِ من داخل العمل، وإنما تكون من خارجه.

وفي هذه ((الخارجية)) في النقد ظلمٌ لطرفين:

الأول: للمؤلف الذي كتب كتابًا منفردًا، ولم يُقَلِّد فيه فلانًا أو علانا من الناس، ولا نقله من كتابٍ آخر، فمن الظلم له أن نحاكم نصوص كتابه ورواياته عند تصحيحها على كتابٍ آخر، ونغير ونبدل تبعًا لما عند غيره، وإنما يكون هذا كله عند محاكمة المؤلف لا تصحيح الكتاب، وفرقٌ بين الأمرين كبير.

فعندما نصحح كتابًا لأحد الأئمة فعلينا أن نصححه من خلاله هو، بل ومن خلال رواياته هو، لا من خلال كتب مشايخ مؤلفه أو أقرانه، أو غيرها من كتب السنة.

وفرقٌ بين مطابقة نصوص الكتاب محل التحقيق لتقويم نصوصه وتصحيحها، فرقٌ بين هذا وبين محاكمة مؤلف الكتاب في مسائل كتابه وأسانيده ورواياته.

ولنضرب المثال بالبغوي وابن أبي شيبة.

فالأول يروي عن الثاني، لأن ابن أبي شيبة من شيوخ أبي القاسم البغوي، وقد أكثر البغوي رحمة الله عليه من الرواية عن ابن أبي شيبة في كتاب البغوي (معجم الصحابة) مثلاً.

فإذا أردنا أن نصحح كتاب (معجم الصحابة) للبغوي، فعلينا بالنظر في مراد البغوي، وروايات كتابه، وتقديم هذه الروايات على غيرها من المطابقات.

فمثلاً: نقدم رواية ابن عساكر رحمه الله وغيره ممن يروون كتاب البغوي من طرقٍ عنه، لأنها روايات لكتاب البغوي، ومثل هذه الروايات إذا خالفتْ ما في مصنف ابن أبي شيبة مثلاً؛ فإنَّا نُقَدِّم ما عند ابن عساكر وغيره ممن رووا من كتاب البغوي؛ لأنها كما سبق رواية لكتاب البغوي، بخلاف ابن أبي شيبة، فعلى الرغم من تلمذة البغوي عليه؛ إلا أنه ربما خالف البغوي بقية أصحاب ابن أبي شيبة في الرواية، ربما وهم البغوي على ابن أبي شيبة، ربما نسي، ربما، .. وهكذا.

تصحيح كتاب البغوي يستلزم مطابقته على نسخ الكتاب، ومنها النسخ المساعدة للعمل، وهي إما مختصراتٍ للكتاب المراد تصحيحه، أو رواياتٍ لمصنِّفين آخرين رووا الكتاب عن مؤلفه.

بخلاف محاكمة البغوي، فهذا يستلزم المرحلة السابقة بكل ما فيها، لنتأكد من ثبوت القول للبغوي، وأنه ليس وهمًا من الناسخ أو الراوي عنه، ثم محاكمته تستلزم مرحلةً أخرى أيضًا بجوار السابقة: وهذه المرحلة الأخرى هي المطابقة بين رواية البغوي التي ثبتت صحتها في كتابه، ولم يهم عليه فيها واهمٌ، أو يُحرّفها مُحَرِّفٌ، فنطابق هذه الرواية للبغوي على روايات الآخرين عن ابن أبي شيبة مثلاً؛ إذا أردنا محاكمة روايات البغوي عن ابن أبي شيبة، وهكذا نفعل في كل شيخٍ.

ومن هنا يظهر الفارق الكبير بين تصحيح نصوص الكتب، وبين محاكمة أصحاب الكتب ومؤلفيها.

والناقد إن لم يكن بصيرًا بمثل هذا الفارق العظيم فإنه سيخبط خبط عشواء، وسيخلط الحابل بالنابل، ولن نجني من خلفه تلك الثمار التي كنا نؤملها من كلامه.

فلابد من الوقوف على هذا الفارق، سواءٌ في تصحيح الكتب، أو في تقويم الأعمال وتحقيقها.

لدينا عشرات من الناس، رووا عن بعض مشايخهم، ثم اختصروا الروايات، أو ذكروها بمعناها، فمثل هذه الروايات لا يجوز تغييرها ولا تعديلها لتوافق روايات مشايخهم وما في كتبهم بحجة تصحيح الكتب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير