تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-وفي عام 1935 كلّفه صديقه "فؤاد صروف"- صاحب مجلة "المقتطف" بالمساهمة في عدد خاص عن المتنبي يصدر في ذكرى مرور ألف عام على وفاته فكان أن كتب كتابه عن المتنبي، وكان هذا الكتاب موضوعاً لمعارك صحفية جديدة مع من كتبوا بعده في الموضوع (طه حسين والدكتور عبد الوهاب عزام وغيرهما) تخللتها اتهامات بالسرقة وجدل حول موضوع حياة المتنبي وشعره ليس له مكان هنا.

-وبعد عقود من الانقطاع عن النشر (أو شبه الانقطاع) عاد شاكر فنشر مجموعة من المقالات في مجلة الرسالة عام 1964 تناولت بالنقد العنيف مقالات كان ينشرها لويس عوض في صحيفة الأهرام عن "رسالة الغفران" للمعري وجمعها في كتاب سماه "أباطيل وأسمار" تضمنت جملة من الآراء الهامة المتعلقة بالهوية الثقافية العربية الإسلامية وما يميزها عن الثقافة الغربية الغازية.

ثانياً: في الرؤية العامة لوضع العرب والمسلمين عند محمود شاكر:

يقول شاكر في مقدّمته لكتاب "المتنبي": "صار بيّناً عندي أننا نعيش في عالم منقسم انقساماً سافراً: عالم القوة والغنى، وعالم الضعف والفقر، أو عالم الغزاة الناهبين، وعالم المستضعفين المنهوبين. كان عالم الغزاة الممثل في الحضارة الأوروبية، يريد أن يحدث في عالم المستضعفين تحولاً اجتماعياً وثقافياً وسياسياً فهو صيد غزير يمد حضارتهم بجميع أسباب القوة والعلو والغنى والسلطان والغلبة. والطريق إلى هذا التحول عمل سياسي محض، لا غاية له إلا إخضاع هذا العالم "المتخلف" إخضاعاً تاماً لحاجات العالم "المتحضر" التي لا تنفد، ولسيطرته السياسية الكاملة أيضاً. ومع أن هذا العمل السياسي المحض المتشعب، قد بدأ تنفيذه منذ زمن في أجزاء متفرقة من عالمنا، إلا أنه بدأ عندنا في مصر، قلب العالم الإسلامي والعربي، مع الطلائع الأولى لعهد محمد علي، بسيطرة القناصل الأوروبية عليه وعلى دولته، وعلى بناء هذه الدولة كلها بالمشورة والتوجيه. ثم ارتفع إلى ذروته في عهد حفيده إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي الخديوي، حتى جاء الاحتلال الإنجليزي في سنة 1882 وبمجيء سيطر الإنجليز سيطرة مباشرة على كل شيء، وعلى التعليم خاصة، إلى أن جاء "دنلوب" (في 17مارس 1897) ليضع للأمة نظام التعليم المدمر الذي لا نزال نسير عليه، مع الأسف، إلى يومنا هذا" (ص28)

لم يستعمل شاكر مصطلح "التبعية" (الذي ساد في الكتابات عن العالم الثالث في الستينات والسبعينات) غير أن هذا التحليل يلامس هذه النظرية. وفي مرات قليلة يتنبه شاكر إلى صلة الوصل بين الشعوب المقهورة في البلدان المستعمرة مسلمين وغير مسلمين غير أن كل تركيزه في التحليل على المواجهة التاريخية بين الغرب والمسلمين. ورغم أن التاريخ يشهد بصحة وجود هذه المواجهة غير أن شاكراً لا يتمتع بالدقة الكافية في تأريخه للحروب الصليبية وهو خطأ ذو نتائج راهنة فادحة. وهو أيضاً خطأ شائع نسمعه مراراً يزعم أن البيزنطيين شاركوا في الحروب الصليبية بصفتهم جزءاً من الصليبيين والحال أن الصليبيين عاملوا الإمبراطورية البيزنطية التي كانت في أضعف حالاتها وعاصمتها القسطنطينية معاملة وحشية ناتجة عن توجههم العدواني العام وانعدام أي مفهوم للتسامح الديني عندهم-خلافاً للشرق عموماً وللإسلام خصوصاً -فالكنيسة الأورثوذكسية كانت بالنسبة إليهم خصماً لا يقل في خصومته عن الإسلام- ومن أسباب ذلك أيضاً السبب الحقيقي لحركتهم وهو السطو والسرقة والغصب والقرصنة.

أما النتائج الراهنة لهذا الخطأ فنجدها في توجه يحس به القارئ دون أن يكون صريحاً للشك في ولاء المواطنين المسيحيين عندنا للوطن وهو توجه مؤسف جداً بل هو توجه مدان يتناقض مع حقيقة توجه التيار التأصيلي العربي المنشود.

وفي كتاب"أباطيل وأسمار" يصف شاكر الغزو الأوروبي للعالم الإسلامي بأنه "غزو خفي الوطء، بعيد المرمى، طويل الأجل،لم يكن غزواً بالمعنى الذي كان الناس يعهدونه يومئذ، أو الذي نعهده إلى اليوم، لم يكن جيوشاً وجحافل لها صليل يقعقع ونقع يثور، فتدك في زحفها الحصون حصناً حصناً، حتى تفرغ من الأرض كلها في شهر أو شهرين، أوعام أوعامين. كان غزواً أقل ما فيه نكاية هو"الجيوش"،وأبلغه افتراساً هو "التجارة"،وأفتكه بالإنسان هو "التبشير"" (ص183)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير