تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- فضلا عن ارتداد خمس عشرة ملكا من بين عشرين ملكا حكموا مملكة الجنوب و تسمى يهوذا.

ثم يشرح ابن حزم, تطور اليهودية بعد أن دَوَّنَ لهم عزرا الوراق التوراة, التي بأيديهم اليوم, وكيف تأسست طقوس اليهودية الحالية بصلواتها وأدعيتها, بفضل أحبار العصر المكابي, فهم الذين أحدثوا البِيَع والجوامع في كل مكان, خلافا لما كان عليه أسلافهم من عدم تجويز الصلاة والاجتماع للعبادة في غير بيت المقدس.

قال ابن حزم:"إلى أن أملها (أي التوراة) عليهم من حفظه عزرا الوراق الهاروني, وهم مقرون أنه وجدها عندهم وفيها خلل كثير فأصلحها, وهذا يكفي, وكان كتابة عزرا للتوراة بعد أزيد من سبعين سنة من خراب بيت المقدس, وكتبهم تدل على أن عزرا لم يكتبها لهم ويصلحها إلا بعد نحو أربعين عامًا من رجوعهم إلى البيت بعد السبعين عاما التي كانوا فيها جالين, ولم يكن فيهم حينئذ نبي أصلا ( ... ) , ومن ذلك الوقت انتشرت التوراة ونسخت, وظهرت ظهورا ضعيفا أيضا, ولم تزل تتداولهمُ الأيدي مع ذلك إلى أن جعل أنطاكيوس الملك- الذي بنى أنطاكية- وثنا للعبادة في بيت المقدس, وأخذِ بني إسرائيلَ بعبادته, وقُرِّبَت الخنازير على مذبح البيت, ثم تولى أمرهم قوم من بني هارون بعد مِئِين من السنين, وانقطعت القرابين, فحينئذ انتشرت نسخ التوراة التي بأيديهم اليوم, وأحدث لهم أحبارهم صلوات لم تكن عندهم جعلوها بدلا من القرابين, وعملوا لهم دينا جديدا, و رتبوا لهم [ص47] الكنائس في كل قرية بخلاف حالهم طول دولتهم. وبعد هلاك دولتهم بأزيد من أربعمائة عام أحدثوا لهم اجتماعا في كل سبت, على ما هم عليه اليوم, بخلاف ما كانوا طول دولتهم, فإنه لم يكن لهم في شيء من بلادهم بيت عبادة, ولا مجمع ذكر وتعلم, ولا مكان قربان قربة, البتة, إلا ببيت المقدس فقط. ( ... ) ففي دون هذا كفاية, لمن عقل, في أنها (أي الأسفار الخمسة) كتاب مبدل مكذوب موضوع, و دين معمول خلاف الدين الذي يقرون أن موسى أتاهم به".

- المحور الثاني:

يبحث فيه ابن حزم بإيجاز مسألة صحة نسبة باقي أسفار العهد القديم إلى مؤلفيها التقليدين, ويركز ابن حزم نقده على: سفر يشوع, وسفر المزامير المنسوب لداود, والأسفار الثلاثة المنسوبة لسليمان , وسفر إشعياء, وسفر حزقيال. وقد كشف هذا المحور عن الحقائق الآتية:

أولاها: أن ابن حزم أقدم ناقد مسلم عارض صحة نسبة سفر يشوع إلى يوشع بن نون, ورجح أن هذا السفر المذكور ألف بعد أن بنى سليمان بيت المقدس بزمن غير يسير ..

ثانيتها: أن ابن حزم أول من اعترض على نسبة سفر المزامير إلى النبي داود عليه السلام.

ثالثتها: أنه أول من كَذَّب دعوى اليهود بأن سليمان هو مؤلف الأسفار الثلاثة المنسوبة إليه في كتاب العهد القديم.

رابعتها: أنه أول ناقد قال بأن بعض الأسفار المنسوبة لأنبياء العهد القديم قد كتبت (في عصر المكابيين) بعد القرن الخامس قبل الميلادي أي بعد بناء الهيكل الثاني.

ثم ختم ابن حزم كلامه في هذا المحور بالفقرة الآتية:

" لم نكتب مما في الكتب التي يضيفونها إلى الأنبياء إلا طرفا يسيرا دالا على فضيحتها أيضا وتبديلها ( ... ) ثم لا ندري كيف يمكنهم اتصال شيء من ذلك إلى نبي من أنبيائهم, لا سيما من لم يكن إلا في أيام كفرهم مُخافاً أو مقتولا".

- المحور الثالث:

وفيه ينتقد ابن حزم بعض الأقوال الواردة في تآليف الأحبار, كالتلمود البابلي, وكتاب شِيعُر قُومَا, وكتاب سدر ناشيم وغيرها, وغرضه من ذلك هو الاستدلال على أن الأحبار – الذين نقل اليهود عنهم دينهم- كانوا مُشَبِّهة [ص48] مشركين بل كفارا, يجب- حسب ابن حزم- رفع الثقة عنهم, والشك في أمانتهم في الحفاظ على نص التوراة سليما من التحريف والتبديل.

وقد صنف الدكتور تيودور بولسيني Théodore Pulcini أغراض الحجج الحزمية الواردة في المحاور الثلاثة المذكورة إلى تسعة أصناف, كالآتي:

1 - نقد النصوص التي بها قذف في حق الأنبياء.

2 - نقد النصوص التي بها تجديف في حق الله.

3 - نقد النصوص التي بها أغلاط حسابية.

4 - نقد النصوص التي بها أخطاء تاريخية.

5 - نقد النصوص المخالفة لعلم الجغرافية.

6 - بيان المناقضات داخل النصوص التوراتية.

7 - التنبيه على الاستحالات العقلية التي في التوراة.

8 - نقد النصوص التي بها تشبيه للخالق بمخلوقاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير