9 - نقد النصوص ذات المغزى الشركي أو تنسب لله البنين والبنات.
لقد سلط ابن حزم على متن الأسفار الخمسة نقداً معياريا يجلي مخالفة النصوص التوراتية لمعالم خارجية, كالعلوم الدقيقة والأخلاق والعقيدة, بعد ذلك يستنتج ابن حزم أن تلك الأسفار تشكو من عيوب كثيرة تحول دون الجزم بأنها التوراة التي أنزلها الله على نبيه موسى.
لقد اكتشفت بعد البحث, والتنقيب, أن قدراُ لا بأس به من اعتراضات ابن حزم لها ما يماثلها عند قدماء خصوم اليهودية قبل الإسلام وهم: مرقيون Marcion , وسلسوس المشرك Celsus , والفيلسوف فرفوريوس Porphyre (233- 304 م) , ويوليان المرتد Julian l'Apostat, وآخرون ظهروا بعد الإسلام وهم: حيويه البلخي اليهودي, وإسماعيل العكبري اليهودي, وألعازار بن عزريا , الذي يعد من الخوارج على دين اليهود.
ابن حزم وخصوم اليهود:
لقد سبق للدكتور يهوذا روزنتال Judah Rosenthal أن درس بإجمال انتقادات خصوم اليهودية (قبل الإسلام وبعده) للعهد القديم, فقال:" نقف في المؤلفات الجدلية للكنيسة (النصرانية) في أول العصور الوسطى على جل [49] اعتراضات المارقين (من الدين) على أسفار العهد القديم, مشفوعة بالرد عليها, لكن أهم تلك الاعتراضات نجدها معروضة في كتاب "الهادي إلى الصراط" Hodegos الذي ألفه أنستاسيوس السينائي Sinaita Anastasius وكان بطريارك مدينة أنطا كية خلال نهاية القرن السابع الميلادي, حيث حكى أنه لما زار المشرق ألقت عليه جماعة من المارقين عدة مسائل معضلة (حول الكتاب المقدس). ثم سرد أنستاسيوس ما يعدل 154 مسألة عن الكتاب المقدس مع جواباته عنها". قال روزنتال: "أغلب تلك المعضلات كان بشأن أسفار العهد الجديد, أما المسائل الباقية فكانت بشأن العهد القديم". ثم عدد روزنتال سلسلتين منها, الأولى شملت 7 أسئلة, والثانية شملت 18 سؤالا. ثم أضاف أن في كتاب فوتيوس القسطنطيني Photius de Costantinople ( من القرن التاسع الميلادي) 324 مسألة كثير منها متعلق بالكتاب المقدس, ولكن روزنتال اقتصر على العرض الموجز لثمان وثلاثين مسألة فقط.
و قد سعيت لعرضها على ما لدى ابن حزم فكانت النتائج كالآتي:
- المسائل التي ذكرها أنستاسيوس ونجدها عند ابن حزم: وهي خمس مسائل, أعيد طرحها في كتاب "الفصل" لابن حزم.
المسألة الأولى:
الأربعمائة سنة التي قيل إن بني إسرائيل يستعبدون فيها بمصر (تكوين 15: 13 - 16) تخالف الواقع, لأنهم لم يستعبدوا إلا 140 سنة بعد وفاة يوسف (خروج 1: 6 - 11).
يقارن هذا بما في الفصل لابن حزم 1/ 124 - 128 (فصل13).
المسألة الثانية:
إن الله حدد أعمار البشر بعد طوفان نوح في 120 عاما (تكوين6: 3) و لم يلتزم بذلك (تكوين11: 12). يقارن هذا بكتاب الفصل1/ 121 - 122 (فصل9).
المسألة الثالثة:
وعد الرب بني إسرائيل أن يعطيهم ميراثا [50] (تكوين 15: 18) ولم يرثوا إلا أقل من معشار الأرض الموعودة.
يقارن بكتاب الفصل1/ 128 - 129 (فصل14).
المسألة الرابعة:
بم نفسر النص الآتي:
" و بعد أن دخل أبناء الله على بنات الناس ... " (تكوين6: 1 - 2. 6: 4)؟
يقارن مع كتاب الفصل 1/ 121 (فصل 8).
المسألة الخامسة:
كيف نقبل حكاية العَرَّافة المقيمة في عين دور التي قصدها الملك شاول متنكرا, وطلب منها استحضار روح النبي صموئيل (صموئيل الأول 28: 7 - 14).
هذه الحكاية انتقدها ابن حزم في المحور الثالث, فقال:
" وفي بعض كتبهم مما لا يختلفون في صحته أن السحرة يحيون الموتى على الحقيقة ( ... ) وأن عجوزا ساحرة أحيت لشاول الملك- وهو طالوت- شمؤال النبي بعد موته" , (كتاب الفصل1/ 218).
- المسائل التي ذكرها فوتيوس, ونجدها لدى ابن حزم:
وهي أيضا خمس مسائل ترد في كتاب الفصل لابن حزم كالآتي.
المسألة الأولى:
لماذا لم يذكر موسى (في الأسفار الخمسة) شيئاً عن الآخرة؟
قال ابن حزم: " ليس في توراتهم ذكر لمعاد أصلا, ولا لجزاء بعد الموت" كتاب الفصل (1/ 207).
المسألة الثانية:
ما معنى النص:" لنصنع الإنسان على صورتنا" (تكوين 1: 26). راجع أيضا الفصل1/ 117 - 118 (فصل2).
المسألة الثالثة:
ما معنى:" الإنسان صار كواحد منا, يميز الخير والشر"؟ (تكوين 3: 22).
تقارن بكتاب الفصل 1/ 120 - 121 (فصل4).
المسألة الرابعة:
كيف تعدون إبراهيم صالحا, وهو يقول لربه" كيف أعلم أني أرثها"؟ (تكوين 15: 8).
¥