تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك فإن منظر السجناء في سجن أبي غريب وهم عراة لا حول لهم ولا قوة، يحولهم العدو إلى أدوات بناء، أدوات للتسلية واللعب والعبث، فيصنعون منهم هرماً بشرياً عارياً للتسلية كما يتسلى أحدنا بأعواد الكبريت، وإن منظر تلك المرأة التي تجردت من أنوثتها وهي تجر بحبل ذلك العراقي كما يجرون كلابهم، ومنظرها كذلك وهي تعبث بأعضائه وهو عار،كل ذلك مصدر ألم لكل إنسان فيه ذرة إنسانية، ولكنه مصدر لذة وشعور بالمتعة والنشوة للإسرائيلي أو الأمريكي الذي تشبع بأخلاق القوة، وأخلاق اللذة، وأخلاق المنفعة، وأخلاق العنصرية.

المحور الختامي

نطرح هنا عدة أسئلة:

السؤال الأول:

هل الإسلام ضد القوة؟ وهو القائل سبحانه وتعالى ? وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ? [سورة الأنفال آية 60] وهو القائل صلى الله عليه وسلم [المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف]؟

إن الإسلام هو دين القوة ? إن خير من استأجرت القوي الأمين ? [سورة القصص آية 26]، ولكن هناك فرق بين المنظور الإسلامي للقوة والمنظور الفلسفي الغربي ففي الإسلام القوة للردع، لردع الشر والأشرار، ولردع الباطل، والقوة في الإسلام مكبوحة بالرحمة والإنصاف والعدل مكبوحة بالأمانة " القوي الأمين ".

أما في الفلسفة الغربية فكما رأينا القوة هي الفرعنة والغطرسة والتأله، وهي ليست لخدمة الإنسانية، وإنما لخدمة لون من ألوان الإنسان هو الإنسان الأبيض. إن القوة في الإسلام نوعان: قوة مادية عسكرية وقوة معنوية هي الأمانة، والثانية هي الحاكمة على الأولى والموجهة لها، القوة في الإسلام محصنة بداعية الخوف والخشية من الله عز وجل، بينما القوة الغربية مدفوعة بدافع الغرور والأنانية والتمرد والتفرعن.

و السؤال الثاني هل الإسلام ضد اللذة؟

أيضاً فالإسلام أباح للإنسان الاستمتاع بالطيبات من الحياة الدنيا ? قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ? [سورة الأعراف آية: 32] وأباح الاستمتاع المشروع بين الزوجين ولكنه ضبط اللذة بمعيار التوسط لا بمعيار البهيمية، ولفت نظر الإنسان إلى أصناف سامية جداً من اللذة ? فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ? [سورة السجدة آية: 17] [أعدت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر] إن الإسلام لا يحارب اللذة وإنما يهذبها ويخلصها من الانحراف والشذوذ.

والسؤال الثالث: هل الإسلام ضد المنفعة؟

إن الإسلام يلبي حاجات الإنسان ومنافعه بواقعية [ابدأ بنفسك ثم بمن تعول] وحيثما كانت المنفعة والمصلحة فثم شرع الله، ولكنه يمزج هذه الدعوة بالإيثار والتفاني، ويحذر من الأثرة والأنانية ? ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ? [سورة الحشر آية: 9] كما أن المصالح في الإسلام متراتبة بحسب الأهمية: الدين فالنفس فالعقل فالعرض فالمال، كذلك فإن مصلحة المجموع مقدمة على المصلحة الفردية، والمصلحة ليست قاصرة فقط على المنظور الدنيوي البحت بل إذا كان ? المال والبنون زينة الحياة الدنيا ? فإن ? والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً ? [سورة الكهف آية: 46]. الأصل في الدعوة الإسلامية أنها دعوة إلى الآخرة ? وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ? ولكن في الطريق يحتاج الإنسان إلى البلاغ الذي يعينه في الوصول إلى الغاية ?ولا تنس نصيبك من الدنيا ? [سورة القصص آية: 77].

والسؤال الرابع: هل الإسلام ضد العنصرية؟

نعم الإسلام ضد العنصرية مصطلحاً ومفهوماً، لأن المصطلح نشأ في ظروف القتل والإبادة للآخرين، فالعنصرية جاءت من الزعم بأفضلية عنصر ما من البشر على عنصر آخر، والمقصود بالعنصر هنا الدم والتكوين البشري، فالألماني بنظر الفلسفة النازية أرقى من سائر الشعوب لأن دماءه من أنقى الدماء، وهكذا انتشرت فكرة العنصرية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير