لفت نظري أن البيت الذي تحدّاك به صديقك كان مكسوراً، وقد تفضّل الأستاذ / كشف المشكل بنقل كامل الأبيات صحيحة لنا مشكوراً، ومن ذلك اتضح لي معنى الأبيات.
لذلك أرى أن يتفضّل أحد الأساتذة بشرح البيت، ليتسنى للإخوة إعادة النظر في إعراب المصدر ومن ثَمَّ التأكد من إعراب صديقك للمصدر المؤول.
كما أني أقول مثلك، لا يمكن أن يكون المصدر المؤول فاعلاً، نظراً لأن معنى البيت يقتضي غير ذلك.
وفي انتظار ما يتفضل به أحد الإخوة مشكوراً لشرح البيت، لي عودة أخرى
تحياتي وتقديري لجميع الإخوة
حازم
ـ[أبو تمام]ــــــــ[02 - 06 - 2004, 01:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
تحية لكم جميعا، ولا عدمناكم من مشاركات وبعد ....
أستاذي حازم بالنسبة لي لا أجزم بالبدلية فقط بل المعنى يحتمل النصب على نزع الخافض، وحينما قال لي الصديق هذا الأعراب جزم بأن الإعراب واحد لا ثاني له، والبدل هنا كما هو واضح لي بدل بعض من كل، لأننا حينما نأول نقول (رؤيتها ألفين) جزء من مجموع الوحش، كذلك الضمير (ها) يعود على المبدل منه، وهذا ما يقوي بدل البعض من الكل، وإعراب البدل بشكل عام.
أما الشرح فعلى هذا يكون المعنى (ولقد تركتني أحسد الوحش رؤيتهما ألفين لا يروعهما الذعر) فالفاعل إما أن يكوت تاء المخاطب (تركتِني) أو ضمير مستتر تقديره هي إذا نطقناها بتسكين التاء يعود على محبوبته واسمها ليلى، والذي أرجحه أن التاء هنا هي التاء المتحركة للمخاطبة المؤنث لأني وجدت القصيدة (الأغاني للأصبهاني) براوية مرتبة نوعا ما تبين بأن الشاعر في مقام المخاطب ولم بلتفت في خطابه، قال الشاعر
لليلى بذات الجيش دار عرفتها * وأخرى بذات البين آياتها سطر
وقفت برسميها فلما تنكرا * صدفت وعين دمعها سرب همر
وفي الدمع إن كذبت بالحب شاهد * يبين ما أخفي كما بين البدر
صبرت فلما غال نفسي وشفها * عجاريف نأي دونها غلب الصبر
إذا لم يكن بين الخليلين ردة *سوى ذكر شيء قد مضى درس الذكر
إلى أن قال:
إذا قلت هذا حبن أسلو يهيجني * نسيم الصبا من حيث يطلع الفجر
وإني لتعروني لذكراك فترة * كما انتفض العصفور بلله القطر
هجرتك حتى قيل لا يعرف الهوى * وزرتك حتى قيل ليس له صبر
صدقت أنا الصب المصاب الذي به * تباريح حب خامر القلب أو سحر
أما والذي أبكى وأضحك والذي* أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى * أليفين منها لم يروعهما الزجر
فيا هجر ليلى قد بلغت بي المدى * وردت علي ما لم يكن بلغ الهجر
ويا حبها زدني جوى كل ليلة * ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها * فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
فليست عشيات الحمى برواجع *لنا أبداً ما أورق السلم النضر
وإني لآتيها لكيما تثيبني * وأوذنها بالصرم ما وضح الفجر
فما هو إلا أن أراها فجاءة * فأبهت لا عرف لدي ولا نكر
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها * وينبت في أطرافها الورق الخضر
فإذا نظرنا إلى بعض الكلمات السابقة للبيت المعني ومايتصل بها من ضمائر، نتيقن بأن الشاعر يخاطب محبوبته، فعلي سبيل المثال نجد في البيت الذي يسبق بيت (لقد تركتني) كلمة (صدقت) ضميرها للمخاطب المؤنث بكسر التاء، والبيت الذي قبله نجد كلمة (هجرتك) الكاف للمخاطب المؤنث، كذلك الشطر الثاني من نفس البيت نجد كلمة (زرتك) الكاف للمخاطب المؤنث، كذلك البيت الذي يسبقه هناك كلمة (ذكراك) بكسر الكاف.
فالمهم أن الشاعر كما أسلفت لا يزال يخاطب محبوبته فهو يقول: والله الذي أضحك وأبكي والذي أمات وأحيا ..... لقد جعلتِني أو جعلتني (ياليلى) أحسد الوحش (ليس كل الوحش) بمطلق أفعالها بل رؤية إثنين منها متآلفين لا يرعبهما ولا يفزعهما الخوف من أي شيء والسبب في ذلك هجرها وخوفها من أهلها.
وعندما قلت أنه يحتمل نزع الخافض ذلك بأن المعنى بحتمل ذلك، فيكون (أحسد الوحش برؤية ألفين) والباء هنا سببيه أي (بسبب رؤية ألفين)، والذي نعرفه ان نزع الخافض يكثر في الشعر قديما، وقد يأتي به الشاعر إذا أمن اللبس.
هذا ولكم التحية والتصويب
ـ[حازم]ــــــــ[02 - 06 - 2004, 10:07 ص]ـ
أستاذي العزيز / أبا تمّام
بداية، لستُ أستاذكَ، بل – والله – إني لأتشرف أن أكون تلميذاً لك، أنهل من علمكم، وأتحلَّى بأخلاقكم، ومثلكم مثل الجليس الصالح، وما لي إلا أن أتمثل قول الإمام الشَّافعي – رحمه الله ورضي عنه _
أحبُّ الصالحينَ ولستُ منهم && لعلِّي أن أنالَ بهمْ شفاعه
وأكرهُ مَنْ تجارتُهُ المعاصي && وإن كُنَّا سواءً في البضاعه
أستاذي الفاضل: لقد أسعدتني كثيراً بنقلك بقية الأبيات الجميلة، ولإجادتك في شرح البيت المطلوب، وهو نفس المعنى الذي أراه، وعلى هذا يمكن البدء في إعراب المصدر.
أحببتُ أن أضيف شيئاً، لعلك لم تنتبه إليه، وهو أن (لقد تركتْني) لا بدّ أن تكون التاء تاء التأنيث الساكنة، وليست تاء الفاعل المتحركة، لماذا؟ نظراً لأن الوزن ينكسر بالمتحركة في هذا البيت، فالأبيات على وزن البحر الطويل التام:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن &&& فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
وعليه، فالفاعل ضمير مستتر تقديره هي، يعود على محبوبته (ليلى).
أما إعراب المصدر بدل، ففيه نظر، إذ لو قلت إنه بدل بعض من كل، يلزم أن الرؤية بدل بعض من الكل من الوحش، وليس الأمر كذلك، لو كان كلمة (أليفين) هي البدل، لكان الجواب ممكناً، ولكن المصدر مؤول بالرؤية.
لذلك أرى - والله أعلم - أن يعاد النظر في إعراب المصدر المؤول
وللجميع خالص تحياتي وشكري
تلميذك
حازم
¥