المتعلِّق: هو الجار والمجرور أو الظرف، والمتعلَّق به ما ذكر ابن هشام عندما قال المسألة الأولى لا بد من تعلقهما بفعل أو بما في معناه، المثال: إذا قلت: (جئتُ من البيتِ)، فـ (مِن البيت) هذا جار ومجرور، أين الذي وضحه في الكلام وبيّن المراد به؟ أنت لو قلت: (من البيت) ما فُهم المقصود، فلما قلت: (جئتُ من البيتِ) صار قولك: (من البيت) متعلقًا بالفعل (جئتُ).
فلو قيل: أعرب تقول: (جئت): فعل وفاعل، (جاء): فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل، و (من): حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، و (البيت): اسم مجرور بـ (من) وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور متعلق بالفعل (جئتُ).
إذن التعلق ارتباط بين الجار والمجرور وبين العامل، سواء أكان فعلًا أم وصفًا، لو قلت: (صمتُ يومَ الخميس)، فـ (صمتُ): فعل وفاعل، (يوم): ظرف زمان منصوب، أين الناصب له؟ (يوم) أين الناصب له؟ (صمتُ)، إذن هو متعلق به، لكن الغالب في الظروف المنصوبة على الظرفية يكتفون بقولهم: منصوبة بالفعل صمت يعني أنه متعلق به وأنه هو العامل فيه.
إذا قلت مثلا: (أجالسٌ أخوك في المسجد): الهمزة للاستفهام، و (جالس): مبتدأ، (أخوك): فاعل سد مسد الخبر، مثل ما مر مرفوع بالواو، والضمير مضاف إليه، (في المسجد): (في): حرف جر، و (المسجد): اسم مجرور بـ (في)، والجار والمجرور متعلق باسم الفاعل (جالس). أليس اسم الفاعل هو الذي وضح الجار والمجرور، وبين المراد به وعمل فيه؟ فيكون متعلقًا به.
والمراد بالعمل هو أنهم يقولون: الجار والمجرور مفعول به في المعنى، وأما بالنسبة للظرف - كما قلت لكم - إن الظرف يكون منصوبًا، والنصب له ما قبله من فعل أو غيره، ولعله بهذا اتضح لنا أن المراد بالمتعلق هو ما يوضح الجار والمجرور ويبينه ويعمل فيه.
مثال آخر: لو قلت: (جُلِسَ في المسجد)، (جُلس): فعل ماض مبني للمجهول، وأنت تعرف أن الفعل المبني للمجهول يستدعي نائب فاعل، وليس في الكلام غير الجار والمجرور، إذن أكيد أنه هو نائب الفاعل، وعلى هذا تقول: (في المسجد): جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.
من هذا المثال والذي قبله نستفيد أن المتعلق له وصفان: الوصف الأول أنه يبين ويحدد المراد بالجار والمجرور، والوصف الثاني أنه هو الذي يعمل في الجار والمجرور ... نائب فاعل، أين الذي عمل فيه؟ الفعل (جُلس) إذن ماذا نقول عن جُلس؟ متعلَّق، وماذا نقول عن الجار والمجرور؟ متعلِّق، لعلكم فهمتم هذا إن شاء الله.
الجار والمجرور والظرف - كما ذكر ابن هشام - يتعلقان إما بالفعل وهذا هو الأصل، مثل (جئت من البيت)، (سافرت إلى مكة)، أو يتعلق بوصف وهو ما فيه معنى الفعل، مثل اسم الفاعل: (أجالس أخوك في المسجد)، أو اسم المفعول كما في الآية التي ذكرها المؤلف صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الجار والمجرور (عليهم) متعلق بـ (المغضوب) والمغضوب من أي الأوصاف؟ اسم مفعول.
المتعلَّق نوعان:
النوع الأول: أن يكون مذكورا. وهذا هو الأصل، مثل الأمثلة التي مرت علينا، المتعلَّق مذكور، إذا قلت: جُلس في البيت، أو جُلس في المسجد. المتعلَّق مذكور.
النوع الثاني: أن يكون المتعلَّق محذوفا. ويحذف المتعلَّق في أربعة مواضع، وهو عنوان المسألة إيه؟ الثالثة اللي عطيتكم (حذف المتعلَّق)، إذن نترك موضوع الحذف. والأصل هو أن يكون المتعلَّق مذكورا في الكلام، لكن هنا نقطة مهمة طرقها ابن هشام، وهي: هل كل حرف جر مع مجروره يحتاج إلى متعلَّق؟ أو فيه بعض المجرورات ما تحتاج إلى متعلَّق؟
الجواب يقول: إنه لا بد من تعلقهما بفعل أو بما في معناه، وقد اجتمعا في قوله -تعالى-: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
¥