الأصل في النعت أن يكون اسما مفردا كما مثلنا، وقد يكون جملة؛ نحو "أحيي قائدا جعل نفسه وولده فداء للحق" فجملة "جعل" في محل نصب نعت لـ"قائدا"،ويكون شبه جملة؛ نحو قوله تعالى "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض "فـ"في الأرض"متعلقان بمحذوف نعت لـ"علوا"،ونحو قوله تعالى "قال إنما أوتيته على علم عندي" فـ"عندي" نعت لـ"علم" ..
وللنعت بالجملة شروط أربعة؛ واحد في المنعوت وثلاثة في النعت .. فأما ما ينبغي توافره في المنعوت فهو أن يكون نكرة، إذ لا ينعت المعرفة بالجملة؛ فنقول "رأيت طفلا يجري" فـ"يجري"وقعت نعتا للنكرة "طفل"،غير أنه يستثنى من ذلك المعرف بأل الجنسية كما أسلفنا، حيث يجوز نعته بالجملة كونه معرفا باللفظ لا غير؛ ومن ذلك قوله تعالى "وآية لهم الليل نسلخ منه النهار" فجملة "نسلخ"وقعت نعتا لـ"الليل"،ومنه أيضا قول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فأعف ثم أقول لا يعنيني
فجملة "يسبني" في محل جر نعت لـ"اللئيم" ..
وأما الشروط الثلاثة الباقية فهي:
1ـ أن تكون جملة النعت خبرية؛ وهي التي تحتمل بذاتها الصدق والكذب، فلا يجوز النعت بجملة طلبية، فإن وقعت الجملة الطلبية تالية لنكرة، لم يجز إعرابها نعتا وإنما نعربها مقولة لقول محذوف، والقول المحذوف نعتا للنكرة؛ ومن ذلك قول الشاعر:
حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط
فجملة "هل رأيت الذئب" مقولة لقول محذوف تقديره "مقول فيه هل رأيت الذئب قط" وجملة القول المحذوفة في محل جر نعت لـ"مذق"
2ـ أن تكون جملة النعت مشتملة على ضمير يربطها بالمنعوت، سواء كان هذا الضمير ملفوظا كما في قوله تعالى "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله"،أو ملحوظا كما في قوله تعالى "واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا "؛وقول الشاعر:
فما أَدْرِي أَغَيَّرَهُمْ تَناءٍ ... وطُولُ العَهْدِ، أمْ مالٌ أَصابُوا
ففي الآية الأولى وقعت جملة "ترجعون"نعتا لـ"يوما" وفيها الضمير المتصل بحرف الجر "في" ملفوظا يربطها بالمنعوت، وفي الآية الثانية وقعت جملة "تجزي"نعتا لـ"يوما"،والضمير ملحوظ فيها غير ملفوظ إذ التقدير "لا تجزي فيه"،وفي قول الشاعر وقعت جملة "أصابوا" نعت لـ"مال" والضمير فيها ملحوظ إذ التقدير "مال أصابوه"
3ـ ألا تدخل الواو على جملة النعت ..
قطع النعت:
سبق أن قلنا أن قطع النعت هو صرفٌ للنعت عن متابعة إعراب المنعوت إلى وجه إعرابي آخر، وهو يكون إما إلى الرفع أو إلى النصب فقط فلا قطع إلى الجر؛ فيرفع النعت وإن كان متبوعه منصوبا أو مجرورا، وينصب وإن كان متبوعه مرفوعا أو مجرورا؛ فنقول:"مررت بزيدٍ الكريمُ أو الكريمَ "،فنرفع "الكريم" على تقدير مبتدأ، فيكون المبتدأ محذوفا خبره "الكريم"؛أي "هو الكريم"،وننصبه على تقدير فعل، فيكون الفعل محذوفا و"الكريم" مفعوله؛ أي "أعني الكريم" ..
وحذف الفعل أو المبتدأ تارة يكون واجبا وتارة يكون جائزا، فهما واجبا الحذف ما إذا كان النعت يراد به المدح؛ نحو:"أجلّ العالمَ النحريرَُ"،أو الذم؛ نحو "أحتقر الجاهلَ المعظمُ نفسه"،ومنه قوله تعالى "وامرأتُه حمالةَ الحطب" في أحد وجوه إعرابه، أو الترحم؛ نحو"ارحم الطفل المسكينُ" ..
ففي غير هذه المواضع الثلاثة جاز ذكر المحذوف وعدم ذكره؛ فنقول "مررت بزيد التاجرُ أو التاجرَ" و"مررت بزيد هو التاجر أو أعني التاجر" ..
وقطع النعت قد يكون ممتنعا وقد يكون واجبا وقد يكون جائزا، فهو ممتنع في المواضع التالية:
1ـ النعت المؤكد، إذ إنه يفيد تقوية المنعوت بتأكيده، ولا تقوية إلا بالوصل؛ نحو قوله تعالى "وكنتم أزواجا ثلاثة"
2ـ النعت المعيِّن لمنعوته، نحو قولنا "ناديت زيدا الكاتب"وذلك إذا كان هناك من يشاركه في الاسم ويختلف معه في الصفة، فلا بد هنا من ذكر النعت لأن المنعوت يتعين به ..
3ـ النعت المخصص للنكرة، ذلك أن النكرة بحاجة إلى ما يخصصها، وهي تتخصص بالنعت، وقطع النعت يفوت التخصيص
4ـ النعت الملتزم، أي الذي يلتزم ذكره حين ذكر متبوعه، والقطع يعارض الالتزام فامتنع ذلك في هذا الموضع أيضا؛ نحو "المسجد الأقصى والبيت العتيق"
أي أن النعت لا يجوز قطعه ما دام المنعوت يفتقر إليه ليتعين به أو يتخصص ..
وقطع النعت واجب في المواضع التالية:
¥