انظر: اللمع لابن جنِّي /116، من نصٍّ في الهامش نقله المحقِّق عن شرح اللمع لأبي القاسم عمر بن ثابت الثمانيني ت 442ه، وهو تلميذ ابن جنِّي.
صالح الشاعر
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[12 - 03 - 2007, 07:54 م]ـ
إنَّ قول النحاة بأنَّ " الحال صفةٌ في المعنى " (1) لا يسوِّغ الخلط بينهما؛ إذ بينهما من الاختلاف شيءٌ كثير، فالصفة تتبع الموصوف في إعرابه، وتكون لازمةً له على كلِّ وجه، فهي بذلك أدنى إلى الثبوت واللزوم، أمَّا الحال فتخالف صاحب الحال في إعرابه، وهي وصفٌ غير ثابت له، بل يحدث في وقتٍ ويبطل في غيره، أي أنَّها مقيَّدة ومتغيِّرة
أخي الكريم صالح وفقه الله
أشكرك على هذه المشاركة القيمة في هذا المنتدى المبارك، ونتطلع إلى مشاركات أخرى قيمة، بارك الله في جهودك وتقبل منك، وأرجو أن تقبل مني هذا التعقيب:
أخي الكريم، صحيح أن ثم فرقا بين الحال والصفة من حيث دلالة كل منهما على معنى نحوي معين، فالحال صفة تبين هيئة صاحبها في حال وقوع الفعل في الغالب، ولكنها قد تأتي صفة ثابتة، والنعت صفة توضح متبوعها بما يميزه عما قد يشترك معه، وقد تكون ثابتة كما قد تكون غير ثابتة، فبين النعت والحال تشابه كبير، لأن كل واحد منهما يؤدي معنى الآخر ضمنا، ففي قولنا: مررت برجل ضاحك، تدل الصفة على تمييز هذا الرجل عن غيره ممن مررت بهم، كما تدل ضمنا على هيئة الموصوف في أثناء المرور، وفي قولنا: مررت برجل ضاحكا، تدل الصفة على هيئة الرجل في حال المرور كما تدل ضمنا على تمييزه عن غيره، والضحك في الحالتين صفة غير ثابتة، ويتبين الفرق الدقيق بينهما في حال المعرفة، ففي قولنا: مررت بزيد الضاحك، تدل الصفة على توضيح زيد الممرور به عن غيره من الزيدين بالضحك، وتتضمن الدلالة على الهيئة، وفي قولنا: مررت بزيد ضاحكا، تدل الصفة على هيئة الممرور به تصريحا وتوضحه تضمينا، ففي النعت توضيح الموصوف هو المقصود والمراد وتأتي بيان الهيئة تبعا للتوضيح، وفي الحال بيان الهيئة هو المقصود ويأتي التوضيح ضمنا، لذلك يسهل أن يتحول النعت للحال والحال للنعت.
أما قولك:
وقول النحاة بتحوُّل الصفة المتقدِّمة على الموصوف إلى حال يبدو مرتبطًا بالصنعة النحويَّة ولا علاقة له بالمعنى من قريب ولا من بعيد، ومع أنَّه يحمي من التباس الحال بالصفة في مثل: رأيت رجلاً راكبًا، إلاَّ أنَّه يوقع في لبسٍ آخر، فحين نريد في جملة مثل (أقبل طالبٌ مستهترٌ) أن نبرز صفة الاستهتار فنقول: (أقبل مستهترٌ طالبٌ)، يُلزمنا النحاة أن نقول: (أقبل مستهترًا طالبٌ)، وشتَّان بين التعبيرين؛ لأنَّ (مستهترٌ) في الأولى على الإتباع صفة ثابتة تقدَّمت على موصوفها للعناية بذكرها ولبيان أنَّ كونه مستهترًا أبرز من كونه طالبًا، أمَّا في الجملة الثانية فهي بالنصب وصفٌ للطالب بالاستهتار في حال إقباله وحسب، لا أنَّ الاستهتار صفةٌ لازمةٌ له (6).
فيحتاج إلى إعادة نظر من جهتين الأولى أن قول النحاة وعلى رأسهم سيبويه مبني على أساس كلام العرب فالعرب لا تستعمل: فيها قائم رجل، وتستعمل: فيها قائما رجل، كما تستعمل فيها رجل قائما، والمعنى متقارب كما ذكرنا فأراد سيبويه أن يبين حكمة العرب فيما قالته وفيما امتنعت عنه.
الثاني أن مثالك: جاء مستهتر طالب، غير جائز كما فهم من كلام سيبويه، يعني أن العرب لم تستعمل هذا الأسلوب، ولو تبين أنها استعملته فهو على جملتين: الأولى: جاء مستهتر، والثانية: طالب، على أن طالبا خبر لمبتدأ محذوف، كأن سائلا سأل: ما الموصوف بمستهتر: فيل: المراد طالب، أو الموصوف طالب.
وجاء مستهتر طالب لا تدل أبدا على أن الاستهتار صفة ملازمة للطالب، كما كما لا تدل على ذلك: جاء مستهترا طالب، كما لا تدل على ذلك جملة: جاء طالب مستهتر.
مع التحية الطيبة.
ـ[صالح الشاعر]ــــــــ[23 - 04 - 2007, 04:22 ص]ـ
الأخ الكريم الأغر
تذكرت قول الشافعي رضي الله عنه: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)
وكما ترى الأمر كله مجرد إعمال للذهن ولن يغير (صالح) من النحو شيئا وإنما يُخرف تخريفًا أحسبه علميًّا
شكرًا لك عل المداخلة والتعليق
ـ[الصوت الحر]ــــــــ[24 - 04 - 2007, 01:59 ص]ـ
مشاركة أكثر من رائعة. أحسنت أخي صالح.
بالمناسبة هناك بحث باللغة الإنجليزية للأستاذ الدكتور عبدالقادر الفاسي الفهري تناول فيه موضوع الصفة والموصوف في العربية، وانتهى فيه إلى أن الأصل في العربية هو مجيء الصفة قبل الموصوف، لكن لأسباب تتعلق بالتطور اللغوي للغات السامية تلت الصفة الموصوف.
لعل الدكتور يترجم بحثه لنستفيد منه.
تحياتي
الصوت الحر.