الجهتيْن: النّحْويّة والبلاغيّة، بل والصّرْفيّة وغيرها من العلوم ذات الدّخالة في صحّة الكلام أو سُقْمه؟!
مجدّداً أرشدونا يرحمكم الله ...
ـ[علي المعشي]ــــــــ[29 - 03 - 2007, 10:53 م]ـ
أخي الحبيب: عاملة
لا أراك إلا جامعا علما إلى خلق كريم، فلقد خلعت عليّ من حلل الإطراء ما لا أستحق، ثم سألت أسئلة لا يسأل مثلها إلا ذو علم ودراية ونظر ثاقب ومهارة حوارية رائعة تستحق التقدير.
ألا يُمْكن أنْ يُقال: إنّ لكلٍّ من العلْميْن مجاله الخاصّ الذي ليس للآخر أنْ يتدخّل فيه، فالبلاغة تحْكم بالصّحّة أو الفساد من وجهة نظرٍ بلاغيّةٍ فقط، والنّحْو يَحْكم بالصّحّة أو الفساد من وجْهة نظرٍ نحْويّةٍ فقط، ولا يتدخّل أيٌّ منهما في شؤون الآخر ...
الغرض من الكلام الإبانة والإفصاح، ولتحقيق هذه الإبانة لابد من التكامل بين كل من اللغة والنحو والصرف والبلاغة وغير ذلك من الأمور ذات الصلة. والخلل في جانب من تلك الجوانب يؤثر نسبيا في جودة التركيب، لذلك لا يمكن الفصل التام بين هذه المكونات.
فقواعد النحو ـ مثلا ـ خطوط عريضة لضبط الكلام، ولكننا نجد في كل قاعدة نحوية عددا من الاستثناءات والأحوال الخاصة، وكثير من هذه الاستثناءات يكون ناتجا لتدخل الجانب البلاغي كالحذف بداعي الإيجاز أوالتقديم والتأخير بداعي الحصر أوتقديم المسرة أو المساءة ... إلخ وقد تكسر القاعدة النحوية بداعي الضرورة الشعرية ... إلخ، ولكن يتم ذلك كله في حدود معينة اجتهد علماء العربية في جمعها والإشارة إليها لكيلا يصبح الأمر فوضويا.
وخلاصة القول أن الكلام إذا كان موافقا للقواعد النحوية وحقق الحد الأدنى من الإفهام والإبانة فهو مقبول بصرف النظر عن درجة جودته.
وإن خالف الكلام بعض قواعد النحو مع كونه مُبينا فعلينا أن نبحث عن سبب ذلك فإن كان لداع بلاغي أو لغوي أو ضرورة شعرية أو ما شابه وكانت تلك المخالفة في حدود الاستثناءات التي أقرها علماء العربية ولها نظائر من كلام العرب كان ذلك مقبولا أيضا بل ربما زاده ذلك جمالا وبيانا.
أما إذا كان الكلام مخالفا لقواعد النحو أو الصرف أو الاستعمال اللغوي ولم يكن لذلك داع أو فائدة تخدم المعنى ولم يكن له نظائر من فصيح كلام العرب فاحكم بخطئه وفساده. والله أعلم.
وتقبل خالص شكري وتقديري.
ـ[عاملة]ــــــــ[31 - 03 - 2007, 06:18 م]ـ
أخي العزيز علي
أكثر ما أعجبني في كلامكم أنّه: قلَّ ودلَّ، متحرّياً الحقيقة بلا مواربة أو التواء، وهكذا شأْن العالِم يُنْقذكَ من الغرق في متاهات الضّلال، وإنّني وإنْ لمْ أكُنْ عادةً من المدّاحين، ولكنْ كيف لا يطْرب المتعلّم شوْقاً، وقد وجد ضالّته، واهتدى إلى مَنْ يُرْشده ويُعَلّمه وينتشله من قعْر بحْرٍ لجّيٍّ؟! وكيف لا تجري على لساني الإطراءات وكيف لا تترى المدائح وقد جرتْ في التنزيل وعلى لسان الحكيم جلّ شأْنه: قل هل يستوي الذين يعْلمون والذين لا يعلمون؟!
ولكم أيضاً خالص الشّكْر والتقدير