وتبقى قصيدته الخالدة المؤنسة أروع ما قاله المجنون .. وسميت المؤنسة لأنه كانت تؤنسه ويقولها ويهذي بها وهو مجنون فلا يقول إلا هذه القصيدة عندما يختلي بنفسه ويتمتم بها ..
ويقول فيها ..
تذكرت ليلى والسنين الخواليا=وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا
ويوم كظل الرمح قصرت ظله =بليلى فلهاني وما كنت لاهيا
بثمدين لاحت نار ليلى وصحبتي =بذات الغضى تزجي المطي النواجيا
فقال بصير القوم ألمحت كوكبا =بدا في سواد الليل فرداً يمانيا
فقلت له بل نار ليلى توقدت =بعليا تسامى ضوؤها فبدا ليا
فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى =وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
فيا ليل كم من حاجةٍ لي مهمةٍ =إذا جئتكم بالليل لم أدر ماهيا
خليلي إن لا تبكياني ألتمس =خليلاً إذا أنزفت دمعي بكى ليا
فما أشرف الأيفاع إلا صبابة =ولا أنشد الأشعار إلا تداويا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما =يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
لحى الله أقواماً يقولون إننا=وجدنا طوال الدهر للحب شافيا
وعهدي بليلى وهي ذات مؤصد=ترد علينا بالعشي المواشيا
فشب بنو ليلى وشب بنو ابنها =وأعلاق ليلى في فؤادي كما هيا
إذا ماجلسنا مجلساً نستلذه =تواشوا بنا حتى أمل مكانيا
سقى الله جاراتٍ لليلى تباعدت =بهن النوى حيث احتللن المطاليا
ولم ينسني ليلى افتقار ولا غنى=ولا توبة حتى احتضنت السواريا
ولا نسوة صبغن كيداء جلعداً=لتشبه ليلى ثم عرضناها ليا
خليلي لا والله لا أملك الذي=قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا
قضاها لغيري وابتلاني بحبها=فهلاِِ بشئٍ غير ليلى ابتلانيا
وخبرتماني أن تيماء منزلاً=لليلى إذا مالصيف ألقى المراسيا
فهذه شهور الصيف عنا قد انقضت =فما للنوى ترمي بليلى المراميا
فلو أن واشٍ باليمامة داره=وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
وماذا لهم لا أحسن الله حالهم =من الحظ في تصريم ليلى حباليا
وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل =بي النقض والإبرام حتى علانيا
فيا رب سوء الحب بيني وبينها =يكون كفافاً لا عليا ولا ليا
فما طلع النجم الذي يهتدى به =ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا
ولا سرت ميلاً من دمشق ولا بدا =سهيلٍ لأهل الشام إلا بدا ليا
ولا سُميت عندي لها من سميةٍ =من الناس إلا بل دمعي ردائيا
ولا هبت الريح الجنوب لأرضها =من الليل إلا بت للريحِ حانيا
فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها=علي فلن تحمواعلي القوافيا
فأشهد عند الله أني أُحبهاُ =فهذا لها عندي فما عندها ليا
قضى الله بالمعروف منها لغيرنا =وبالشوق مني والغرامِ قضى ليا
وأن الذي أملتُ يا أم مالك =أشاب فويدي واستهان فواديا
أعد الليالي ليلة بعد ليلة =وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا
وأخرج من بين البيوت لعلني =أحدث عنك النفس بالليل خاليا
أراني إذا صليت يممت نحوها =بوجهي وأن كان المصلي ورائيا
ومابي إشراك ولكن حبها =وعظم الجوى أعيا الطبيب المداويا
أحب من الأسماء ما وافق اسمها =أو اشبهه أو كان منه مدانيا
خليلي ليلى أكبر الحاجِ والمُنى =فمن لي بليلى أو فمن ذا لها بيا
لعمري لقد أبكيتني ياحمامة =العقيق وأبكيت العيون البواكيا
خليلي ما أرجو من العيش بعدما =أرى حاجتي تشرى ولا تشترى ليا
وتُجرِم ليلى ثم تعزم أنني =سلوت ولا يخفى على الناس ما بيا
فلم أر مثلينا خليلي صبابةً =أشد على رغم الأعادي تصافيا
خليلان لا نرجو اللقاء ولا نرى =خليلين لا يرجوان التلاقيا
يقول أناس: عل مجنون عامر =يروم سلوا، قلت: انى لما بيا
فأنت التي إن شئت أشقيت عيشتي=وأنت التي إن شئت أنعمت باليا
وأنت التي ما من صديق ولا عدا =يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا
أمضروبة ليلى على أن أزورها=ومتخذ ذنبا لها أن ترانيا
وإني لأستغشي وما بي نعسة = لعل خيالا منك يلقى خياليا
هي السحر إلا أن للسحر رقية =وأني لا ألفي لها الدهر راقيا
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا = كفى لمطايانا بريحك هاديا
ألا أيها الواشي بليلى ألا ترى = إلى من تشيها أو بمن جئت واشيا
فيارب إذ صيرت ليلى هي المنى =فزني بعينيها كما زنتها ليا
وإلا فبغضها إلي وأهلها =فإني بليلى قد لقيت الدواهيا
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[17 - 02 - 2008, 02:23 م]ـ
تذكرت ليلى والسنين الخواليا ** وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا
تذكّرت: فعل ماض مبني على السكون , والتاء ضمير متّصل مبني على الضم في محل رفع فاعل , والجملة الفعليّة ابتدائيّة لا محل لها من الإعراب
ليلى: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدّرة على الألف للتعذّر
والسنين: عاطف ومعطوف على ليلى منصوب على التبعيّة وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكّر السالم
الخواليا: نعت للسنين منصوب على التبعيّة وعلامة نصبه الفتحة , والألف للإطلاق
وأيّام: عاطف واسم معطوف على ليلى كذلك منصوب وعلامة نصبه الفتحة , وهو مضاف
لا: حرف نفي مبني على السكون لا محل له
نخشى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمّة المقدرة على الألف للتعذّر
والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن , والجملة الفعليّة في محل جر مضاف إليه
على اللهو: جار ومجرور متعلّقان بالفعل نخشى
ناهيا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
¥