تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن تبيَّن من هذا _ أستاذي الكريم – أن الأمر الأول هو تحصيل حاصل، وأنَّ أي حال جاءت معرفة يمكن تأويلها بنكرة، وقد ذكر العلماء _ رحمهم الله رحمة واسعة _ هذا الأمر فقط كي يبقَى تعريفُهم الأصلي للحال قائماً صحيحاً.

أما بالنسبة للأمر الثاني وهو (أن ما جاء من الحال معرفة يجب أن نقف فيه على المسموع من كلام العرب ولا يجوز القياس عليه)، مستشهداً – بارك الله في علمك – بما ذكره فضيلة الدكتور عباس حسن – رحمه الله – وكما ذكرتم، جاء قريباً من هذا المعنى في شرح التسهيل لابن مالك، وشرح الكافية للرضي، والارتشاف لأبي حيان.

أقول – الحمد لله – أن أئمَّة النحو (مثل سيبويه وابن مالك وابن هشام وابن عقيل) الذين أصَّلوا القواعد العظيمة لهذا العلم الشامخ لم يمنعونا من محاكاة كلام العرب، وهذا من فضل الله علينا وعلى هذه اللغة العظيمة.

وأتساءل أيضاً، ما هي حجَّة المانعين من القياس على كلام العرب؟

وعليه يبقى رأيهم هذا اجتهاداً منهم – رحمهم الله -، ولسنا ملزمين باتِّباعه - والحمد لله -، وإن شاء الله لا يلحقنا أي إثم عندما نستخدم نحو هذه الأساليب التي يرد الحال فيها معرفة. وقد ذكرتُُ لك – أستاذي الفاضل – سابقاً أن الأمر إذا لم يجمع عليه العلماء، يظل اجتهادياً، ولا يمكن أن يكون هناك دليل قاطع على صحته أو عدمها.

ولا أدري كيف ساغ لهؤلاء العلماء أن يمنعوا القياس مع ورود شواهد كثيرة في هذا الشأن، كم من قواعد أُصِّلت على شاهد واحد فقط من كلام العرب، وربما لا يُعرَف قائل هذا الشاهد.

وقد ورد الحال معرفة أيضاً في القرآن العظيم، وهو أفصح البيان، قال الله تعالى: ((فلمَّا رأوا بأسَنا قالوا ءامنَّا بالله وحدَه وكفرنا بما كنَّا به مشركين)) وهذا دليل كافٍ وقاطع على صحة هذا الاستعمال، ولسنا بحاجة إلى شواهد العرب في هذه المسألة.

ولذلك يظل اعتبار (ضحيتَه) حالاً أمراً صحيحاً، ويمكن تأويلها بنكرة، وقد أجاب عن ذلك الأستاذ الفاضل / ربحي، وأوَّلها بـ (مُضحِّين)، أو (ضحية).

وأحب أن أسال الآن: ما قولكم في استخدام الجمل الآتية:

1 - فلنجتهدْ قدرَ استطاعتنا.

2 - قال الوالدُ لولده: أدِّ الصلاةَ مستقبلَ القبلةِ.

3 - أدركتُ الغريقَ فاقدَ الوعيِ.

4 - قالت الأم لطفلها: نَمْ قريرَ العين.

5 - شاهدتُ السجينَ مُقَيَّدَ الرجلين.

6 - دخلَ المدرِّسُ الفصلَ مبتسمَ الوجهِ.

هل نمنع استخدام هذه الأساليب ونحوها من أجل اجتهادات لبعض العلماء؟

ألا تعلم – أستاذي الكريم، زادك الله علماً وتوفيقاً – أن العالم يؤخذ من قوله ويُردّ، وهم مجتهدون، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر.

أترى – أستاذي – أن ابن مالك، حين قال:

والحالُ إنْ عُرِّفَ لفظاً فاعتقدْ && تنكيرَهُ معنىً، كوحدَكَ اجتهدْ

كان يقصد أن نحفظ الألفاظ التي سُمعتْ عن العرب، دون زيادة أو مقصان، ونحاول أن نجدَ لها استخداماً في حياتنا اليومية، مثل: (أرسلها العراك، جاءوا الجمَّاء الغفير , ونحوها)، ويظل بيت ابن مالك محصوراً بتلك الشواهد فقط؟؟

ما أراه – والله أعلم - أنَّ ما سُمعَ عن العرب، يُقاسُ عليه، شأن ذلك شأن سائر أبواب النحو.

وعليه يتضح أن التعليل بعدم جواز مجيء الحال معرفة تعليل عليل، لا يقوى على الوقوف، فضلاً أن يكون دليلاً قاطعاً في هذه المسألة، التي هي محلّ الخلاف.

ولازلت أقول أن إعراب (ضحيتَه) حالاً هو الأقرب للصواب، والله تعالى أعلم.

وأعتذر منكم – أستاذي الحبيب – إن تجاوزت كلماتي حدَّها في الأدب معكم، أو في طريقة عرضي للموضوع، مع علمي أنني لازلتُ تلميذاً لكلِّ الأساتذة الكرام في هذا المنتدى.

مع خالص تحياتي وفائق تقديري للجميع

حازم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير