تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما حرمة أموالهم وأعراضهم فقد ذكر ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن الله عز وجل حرم أموال المسلمين والمعاهدين إلا بطيب نفس منهم، وأن المسلمين وأهل الذمة في هذا سواء. ويقول ابن قدامة: "وحكم أموال أهل الذمة حكم أموال المسلمين في حرمتها. قال علي بن أبي طالب: إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا"، ويقول القرافي: "إن عقد الذمة يوجب لهم حقوقاً علينا، لأنهم في جوارنا وفي حمايتنا وذمتنا وذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة فقد ضيع ذمة الله تعالى وذمة رسوله وذمة دين الإسلام"

ويقول في بيان البر الذي أمر الله تعالى به معهم: "والدعاء لهم بالهداية وأن يكونوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم ودنياهم وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم وإيصالهم إلى جميع حقوقهم" (42)

وجاء في الدر المختار: "وإذا صار المستأمن ذمياً يجري القصاص بينه وبين المسلم، ويجب كف الأذى عنه، وتحرم غيبته"، ويعلق عليه ابن عابدين في حاشيته: "لأنه بعقد الذمة وجب له ما لنا، فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته، بل قالوا إن ظلم الذمي أشد".

رابعاً: حقهم في حفظ حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية.

ويشمل ذلك حقهم في الأمن والحرية والعدل، وفي التعلم والتعليم، وفي التكسب وطلب الرزق، وفي العمل وشغل الوظائف الحكومية والأهلية، وفي إقامة المؤسسات والشركات، وفي مشاركة المسلمين والتعامل معهم بأنواع البيوع والمبادلات، وحقهم في التملك والتصرف، والسكنى والتنقل والسفر، والتزوج والتزويج، وفي حفظ خصوصياتهم وممتلكاتهم، وعدم التطلع على عوراتهم أو التجسس عليهم بغير حق.

وقد نص الفقهاء على أن لأهل الذمة الحق في تولي وظائف الدولة كالمسلمين إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة، والنظارة على أوقاف المسلمين، والقضاء بينهم، وقيادة الجيش، ونحو ذلك.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


1. روح المعاني 11/ 22.
2. تيسير الكريم الرحمن 1/ 463.
3. تفسير ابن أبي حاتم 10/ 3448.
4. تفسير القرآن العظيم 4/ 527.
5. الوسيط في تفسير القرآن المجيد 3/ 45.
6. تفسير القرآن العظيم 1/ 80.
7. تفسير القرآن العظيم 1/ 78.
8. معالم التنزيل 1/ 79.
9. تفسير التحرير والتنوير 1/ 400.
10. فتح القدير 3/ 244 - 245.
11. تيسير الكريم الرحمن ص 776.
12. رواه ابن ماجه: 224، وأبو يعلى: 2837. وله شواهد عديدة. وصححه السيوطي في "الجامع الصغير": 5264. والألباني في "صحيح الترغيب والترهيب": 70. وقال في تعليقه على "مشكاة المصابيح" 1/ 76: "واعلم أن السيوطي قد جمع هذه الطرق حتى أوصلها إلى الخمسين، وحكم من أجلها على الحديث بالصحة، وحكى العراقي صحته عن بعض الأئمة، وحسنه غير ما واحد. والله أعلم. وأما زيادة "ومسلمة" التي اشتهرت على الألسنة فلا أصل لها البتة". قلت: لكن قوله "مسلم" جنس يشمل الرجال والنساء.
13. الإسلام وحقوق الإنسان: ضرورات لا حقوق ص: 15ـ16.
14. الاقتصاد في الاعتقاد ص: 135.
15. قال الشاطبي: "اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل. وعلمها عند الأمة كالضروري" الموافقات 1/ 38. وانظر نحوه في: المستصفى 1/ 287، وتيسير التحرير 3/ 306، والتقرير والتحبير 3/ 143، وفواتح الرحموت 2/ 262، ونهاية السول 4/ 82، والإبهاج في شرح المنهاج 3/ 55، وإرشاد الفحول ص: 216.
16. الموافقات 2/ 8.
17. الموافقات في أصول الشريعة 2/ 8. وانظر نحو هذا في: علم أصول الفقه، لعبد الوهاب خلاف ص: 200، وأصول الفقه الإسلامي، لمحمد مصطفى شلبي 1/ 513.
18. مجموع فتأوى شيخ الإسلام ابن تيمية 11/ 343.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير