تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأمور التي تدل على رفعة أخلاقه ورحمته للناس أنه رغم ترئُّسِه للجامعة الإسلامية لم يكن يستغل هذا المنصب الرفيع ليشق على العاملين معه؛ بل كان يتعمد عدم إقلاق راحتهم، وقد روى الشيخ حماد الأنصاري قال: ذهبت إلى الجامعة عصرًا عندما كان الشيخ عبد المحسن العباد رئيسها، ولم يكن في الجامعة إلا أنا وهو، فقلت له: لماذا لا تأتي بمن يفتح لك الجامعة قبل أن تحضر؟، فقال: لا أستخدم أحدًا في هذا الوقت، لأنه وقت راحة، وكان ذلك وقت العصر!

مداعبات:

يقول الشيخ في محاضرته (عمر فلاته كما عرفته): (ومن الطرائف العجيبة أنّني أداعب الشيخ عمر حول سنّه وأنّه كبير، ولا يظهر عليه الكِبَر، وفي سنة من السنوات كنّا في الحج، ودخلنا مخيم التوعية في عرفات، وإذا فيه رجل قد ابيضّ منه كلُّ شيء حتّى حاجباه، فقلتُ للشيخ عمر: هذا من أمثالك أي: كبار السنّ، وبعد أن جلسنا قال ذلك الرجل يخاطبني: أنا تلميذ لك، درّستني في مدرسة ليلية ابتدائية في الرياض - وكان ذلك في سنة 1374هـ تقريباً - وكنت في زمن دراستي في الرياض أدرس مساءً متبرعًا، في تلك المدرسة التي غالبُ طلابها موظفون، فوجد ذلك الشيخ عمر رحمه الله مناسبة ليقلب الموضوع عليّ، فكان يكرّر مخاطباً ذلك الرّجل: أنت تلميذ الشيخ عبد المحسن؟).

ويقول: (كنتُ معه -الشيخ عمر فلاته رحمه الله- في مجلس وفيه أحدُ المشايخ وقد حج فرضه بعد ولادتي بسنة، وكنتُ أعرف ذلك فسألته قائلاً: متى حججتَ فرضَك؟ فقال له الشيخ عمر: انتبه لا يجرّ لك لسانك، يعني بذلك التوصل إلى مقدار عمر ذلك الشيخ).

قالوا عن عبد المحسن العباد:

قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: لا أعلم له نظيرًا في هذا العصر في العناية بالحديث وسعة الإطلاع فيه، وأنا لا أستغني، وأرى أنه لا يستغني غيري عن كتبه والإفادة منها! وهذه شهادة عجيبة من رجل كالألباني رحمه الله تعالى.

وقال المحدث الشيخ حماد الأنصاري: ما رأت عيني مثله في الورع ..

وقال: ينبغي أن يكتب عنه التاريخ، فقد كان يعمل أعمالاً في الجامعة تمنيت لو أني كتبتها أو سجلتها، وقد كان يداوم في الجامعة على فترتين صباحًا، ومساء بعد العصر، ومرة جئته بعد العصر بمكتبه وهو رئيس الجامعة، فجلست معه، ثم قلت: يا شيخ أين القهوة؟ فقال: الآن العصر، ولا يوجد من يعملها، ومرة عزمت أن أسبقه في الحضور إلى الجامعة، فلما وصلت إلى الجامعة فإذا الشيخ عبد المحسن يفتح باب الجامعة قبل كل أحد!

ولا يزال عطاء العالم الجليل الشيخ عبد المحسن العبّاد دفاقًا، رغم أنه كاد يفقد بصره، جزاه الله عنا خير الجزاء، وجزى علماءنا ومشايخنا وكل من له يد في تكويننا، والحمد لله رب العالمين.

الشيخ في سطور:

ولد الشيخ عبد المحسن العباد عقب صلاة العشاء من ليلة الثلاثاء من شهر رمضان عام 1353 هـ في بلدة الزلفي، ونشأ وشب فيها، وتعلم مباديء القراءة والكتابة في الكُتاب عند بعض مشايخ الزلفي، ومنهم الشيخ عبد الله بن أحمد المنيع، والشيخ زيد بن محمد المنيفي، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغيث، وقد أتم على يديه القرآن الكريم وغيرهم

ومن شيوخه بعد ذلك: الشيخ المفتي محمد بن إبراهيم والشيخ العلامة عبد العزيز بن باز والشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي والشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمهم الله أجمعين.

نال الشهادة الابتدائية فيها عام واحدٍ وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية. ثم انتقل إلى الرياض ودخل معهد الرياض العلمي، وكانت السنة التي قدِم العلامة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله من الخرج إلى الرياض، وأول سنة يُدرسُ في هذا المعهد. وبعد تخرجه التحق بكلية الشريعة بالرياض، وأثناء السنة النهائية في الكلية عُين مدرسًا في معهد بريدة العلمي في 13/ 5/1379هـ، وفي نهاية العام الدراسي عاد إلى الرياض لأداء الامتحان النهائي في الكلية، فأكرمه الله تعالى بأن كان ترتيبه الأول بين زملائه الذين كانوا يمثلون الفوج الرابع من خريجي كلية الشريعة بالرياض، كما كان ترتيبه الأول أيضاً في سنوات النقل الثلاث في الكلية، وعند حصوله على الشهادة الثانوية بمعهد الرياض العلمي، ودرس الشيخ في الجامعة، وفي المساجد على يد العلماء الكبار ممن سبق ذكرهم. .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير