ومما يؤكد ويبرهن على قوة حافظة الشيخ وسيلان ذهنه أن أحد الموظفين بإدارات البحوث العلمية والإفتاء سأل الشيخ وأنا جالس بجانبه – في مقر هيئة كبار العلماء بمدينة الطائف – عن مرجع لمسألة يريد أن يرجع إليها فدله الشيخ على كتاب المغنى لابن قدامه وذكر له الجزء والصفحة والمكان وهذا إن دل فإنما يدل على شدة ملاحظته وتوقد ذهنه – رحمه الله.
وثم دليل آخر يؤكد على قوة ذاكرة الشيخ وهو أنه رحمه الله كان يقص قصصا ويذكر أحداثا ووقائع من أعماق التاريخ ترجع إلى أكثر من ثلاثة أرباع القرن، يذكرها وكأنها ماثلة أمام عينه.
وثم دليل ثالث على عمق حافظة الشيخ وحضور بديهته، ما ذكره أحد تلامذته من أن الشيخ أملى عليهم من حفظه في مادة التفسير أكثر من مائة صفحة.
ويؤكد هذا كله فضيلة الشيخ محمد بن سعد السعيد قائلا: " لقد حباه الله قوة الحافظة والدقة في الفهم وسرعة البديهة وحصافة الرأي مع اتسامه بالورع والزهد والتواضع.
وفور عقله وبعد نظره:
إن من المسلم به أن لكل فضيلة أسا ولكل أدب ينبوعا وأس الفضائل وينبوع الآداب هو العقل الذي جعله الله تعالى للدين أصلا وللدنيا عمارا فأوجب التكليف بكماله وجعل الدنيا مدبرة بأحكامه وألف به بين خلقه مع اختلاف همهم ومآربهم وتباين أغراضهم ومقاصدهم.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أصل الرجل عقله وحسبه دينه ومروءته خلقه وقال الحسن البصري رحمه الله: ما استودع الله أحدا عقلا إلا استنقذه به يوما وقال بعض الأدباء: صديق كل امريء عقله.
وقال إبراهيم بن حسان:
يزين الفتى في الناس صحة عقله وإن كان محظورا عليه مكاسبه
يشين الفتى في الناس قلة عقله وإن كرمت أعراقه ومناسبه
يعيش الفتى بالعقل في الناس إنه على العقل يجري علمه وتجاربه
وأفضل قسم الله للمرء عقله فليس من الاشياء شيء يقاربه
إذا أكمل الرحمن للمرء عقله فقد كملت أخلاقه ومآربه
وإنني لأشهد بالله أن الشيخ عبد الرازق عفيفي – يرحمه الله – كان من العلماء القلائل الذين جمع الله لهم بين وفرة العلم ووفر العقل وبعد النظر فكان مثالا للداعية المسلم الحق الذي يدعو إلى الله على بصيرة وإلى جانب تعقل الشيخ وبعد نظره فقد تميز – رحمه الله – بسعة علمه ومقدرته على الفهم الدقيق والاستنباط الواعي والتمييز المستبصر.
إن كل من رأى الشيخ وبعد نظره فقد تميز – رحمه الله – بسعة علمه ومقدرته على الفهم الدقيق والاستنباط الواعي والتمييز المستبصر.
إن كل من رأى الشيخ وجلس إليه يشهد له بحنكة باهرة وحكمة ظاهرة واطلاع واسع وعدم خوضه فيما لا يعنيه وإعراضه عن التحدث في الموضوعات ذات الحساسية وهو مع ذلك فقيه بواقع أمته ومطلع على ظروف عصره، يعيش آمال الأمة وآلامها ساعة بساعة ولحظة بلحظة.
ولقد أكسبته هذه الخصال الحميدة والسجايا الحسنة احترام الناس له وتقديرهم لعلمه وفضله حتى أصبح موضع تقدير الجميع علماء وعامة.
يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد العجلان: كان الشيخ – رحمه الله – كثير الصمت يفرض احترامه على جالسيه كثير التأمل شديد الملاحظة، وافر العقل، نافذ الفراسة.
وقال فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العبودي: ما رأيت رجلا من المصريين أعقل من الشيخ عبد الرزاق – رحمه الله – جمع بين العلم والعقل فيا سعادة من جمع العلم والعقل إذ لا يستغنى أحدهما عن الآخر.
لقد كان الشيخ – يرحمه الله – صافي الذهن، بعيد النظر، ينظر الى عواقب الأمور ويوازن بين المصالح والمفاسد ويبين لجالسيه وطلابه أن التعجل والتهور وعدم النظر في وعدم النظر في العواقب، يجلب على الأمة ويلات كثيرة فلله دره من عالم فحل وعاقل متأدب وداعية محنك لم يهزه طيش ولم يستفزه خرق.
ولقد صدق من قال:
إذا تم عقل المرء تمت أموره وتمت أمانيه وتم بناؤه
وقال أبو بكر بن دريد:
العالم العاقل ابن نفسه أغناه جنس علمه عن جنسه
كن ابن من شئت وكن مؤدبا وإنما المرء بفضل كيسه
وليس من تكرمه لغيره مثل الذي تكرمه لنفسه
مواهبه وسجاياه:
لقد كان الشيخ عبد الرزاق – يرحمه الله – يتمتع بمواهب وسجايا وخصال قل أن تجتمع في غيره فقد كان – رحمه الله – يتحلى بسعة العلم والأناة والحلم والهدوء في المحاورة والمناقشة والقدرة على الإقناع وتقريب الأمور إلى الأذهان.
¥