تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال عبد الملك بن مروان: " اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه ". وأوصى بعض العرب بنيه فقال: " يا بني أصلحوا ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة فيحتال فيها فيستعير من أخيه دابته ومن صديقه ثوبه ولا يجد من يعيره لسانه ".

وقال ابن تيمية – رحمه الله -: " الدين فيه فقه أقوال وأعمال. ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله ".

فراسته:

قال ابن القيم – رحمه الله -: الفراسة الإيمانية سببها نور يقذفه الله في قلب عبده، يفرق به بين الحق والباطل والحال والعاطل والصادق والكاذب وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان فمن كان أقوى إيمانا فهو أحد فراسة وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ووقائع فراسته مشهورة فإنه ما قال لشيء: " أظنه كذا إلا كان كما قال " ويكفي في فراسته موافقته ربه في مواضع عدة.

وفراسة الصحابة رضي الله عنهم أصدق الفراسة وأصل هذا النوع من الفراسة من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده فيحيا القلب بذلك ويستنير فلا تكاد فراسته تخطيء. قال تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا).

قال بعض السلف: من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنة لم تخطيء فراسته.

قال الماوردي – رحمه الله -: ينبغي أن يكون للعالم فراسة يتوسم بها المتعلم ليعرف مبلغ طاقته وقدر استحقاقه، ليعطيه ما يتحمله بذكائه أو يضعف عنه ببلادته فإنه أروح للعالم وأنجح للمتعلم.

والشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – ولا أزكى على الله أحدا كان صاحب بصيرة نافذة وفراسة حادة يعرف ذلك عنه من خالطه وأخذ العلم على يديه ومما يدلل ويؤكد على فراسة الشيخ أنه كان يتأمل وجوه تلاميذه ويتفرس فيهم فيعرف المجد من الخامل والنابه من الجاهل فيخص هؤلاء بعلم قد لا يخص به أولئك. وثم دليل آخر على فراسة الشيخ أنه كان – رحمه الله – يدرك حقيقة ما يعرض عليه من المشكلات ويتأمل وجوه أصحابها فيكشف ما وراءها من الدوافع ببصيرته الفذة وقلما ينطلي عليه مكر أو احتيال. ومما يدل كذلك على صدق فراسة الشيخ ومعرفته بالرجال ما ذكره فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد عبد المنعم قائلا: حدثني – رحمه الله – في مجلس الفتوى في (منى) فقال: إذا سأل البدوي عن مسألة وكان الجواب موافقا لما يهوي فإنه يسأل سؤالا آخر قريبا من الأول أو بعيدا أما إذا كان الجواب بخلاف ما يهوى فإنه يسأل سؤالا آخر قريبا من الأول أو بعيدا أما إذا كان كان الجواب بخلاف ما يهوى فإنه يسكت وينصرف.

وهكذا أكسبه طول التعامل مع المستفتين معرفة لنفسياتهم فكانت إجاباته بإيضاح الحكم فيما يسأل عنه من التوسع أو من الإيجاز، ملحوظا فيها ما ينقدح في ذهنه من مقصد السائل عند إلقاء السؤال من رغبة في معرفة الحكم الشرعي في المسألة أو في خلاف ذلك.

ولله در من قال:

ألمعي يرى بأول رأي آخر الأمر من وراء المغيب

لوذعي له فؤاد ذكي ما له في ذكائه من ضريب

لا يروي ولا يقلب طرفا وأكف الرجال في تقليب

قوة حافظته وحضور بديهته:

كان رحمه الله قوي الحافظة، سريع البديهة، مستحضر الفهم، شديد الذكاء وافر العلم غزير المادة، صاحب ألمعية نادرة ونجابة ظاهرة.

إن نعمة الحفظ وقوة الذاكرة من أقوى الأسباب – بعد توفيق الله عز وجل – على طلب العلم ولقد كان لهذه الحافظة القوية والذاكرة الجبارة أثرها البالغ في تحصيل ثروته العلميه والتي بنيت على محفوظاته التي علقت بذاكرته في مرحلة التعلم والتعليم وقد رزقه الله من الذكاء وقوة الحفظ ما مكنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة فكان الشيخ يدرك حقيقة ما يعرض عليه من المشكلات فيكشف ما وراءها من الدوافع بتوفيق الله ثم بذكائه الحاد وبصيرته النافذة ولم يكن ينطلي عليه خداع أو احتيال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير